* موانع الإرث.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
قد وقفنا عند قول الناظم رحمه الله تعالى: (وَيَمْنَعُ الشَّخْصَ مِنَ الْمِيْرَاثِ).
وسبق تبويب العام، (بَابُ أَسْبَابِ الْمِيْرَاث) وقلنا: باب بيان أسباب الميراث وكذلك الموانع يعني بوّب لشيءُ واحدٍ وذكر شيئين، وهذا يكون من باب الاكتفاء يعني ذكر شيئًا في الترجمة وسكت عن الثاني، (أَسْبَابُ مِيْرَاثِ الْوَرَى ثَلاَثَةْ) يعني مجمعٌ عليها كلٌّ أو كلّ واحدٍ من هذه الأسباب الثلاثة يفيد صاحبه المتصف به الوراثة، يعني الإرث
وَهْيَ نِكَاحٌ وَوَلاَءٌ وَنَسَبْ ... مَا بَعْدَهُنَّ لِلْمَوَارِيْثِ سَبَبْ
يعني ليس بعد هذه الثلاثة سببٌ مجمعٌ عليه، وكل ما قيل من الأسباب الأخرى وهي وصلت إلى أربعة بيت المال والالتقاط والمعاهدة والولاء، ومن أسلم على يديه هذه أربعة والصواب أنها لا تكون سببًا للميراث، يعني لا يكون واحدٌ من هذه الأربعة موجبًا أو مستوجبًا لاتصاف صحابه بالإرث.
ثم ننتقل إلى بيان الموانع، الموانع جمع مانع مأخوذٌ من المنع اسم الفاعل وهو في اللغة الحائل بين الشيئين، ومنه قولهم: هذا مانع بين كذا وكذا، أي حائلٌ بينهما. وأما في الاصطلاح: فله تعريفٌ مشهور، وله تعريفٌ غيرُ مشهور، وغيرُ المشهور هو الأضبط وهو ما عرفه الآمدي رحمه الله تعالى بقوله: الوصف الوجودي المنضبط المعرّف نقيض الحكم.
الوصف الوجودي، وصف وجودي يعني ليس عدميًا، منضبط لأن الوصف نوعان:
- وصف يصلح أن يكون ضابطًا.
- ووصفٌ منتشر لا ينضبط به الشيء.
ولذلك في البيع هناك قلنا من شروط البيع: أن يكون مبيعٌ معلوم برؤية أو بصفة، وهذه الصفة يشترط فيها أن تكون منضبطة. إذًا الوصف من حيثُ هو في كل موضح قد يكون منضبطًا يعني يحصل به اتصاف الشيء تعينهُ بهذه الصفة، وقد لا يكون كذلك، هنا الوصف الوجودي لا العدمي المنضبط الْمُعَرِّفُ نقيض الحكم، كالرِّقّ فإنه وصف وجودي منضبط معرّف نقيض الحكم، معرف نقيض الحكم الذي هو: الإرث، ونقيضه عدم الإرث، معرف نقيض الحكم، نقيض الحكم ما هو؟
عدم الإرث، والحكم هو معرف نقيض المحكم الذي هو الإرث، نقيضه عدم الإرث.
وأما الحدّ المشهور هو ما عرفه الشارح بقوله: ما يلزمُ من وجوده العدم، ولا يلزمُ من عدمه وجودٌ ولا عدمٌ لذاته.
(ما) يعني وصفٌ يلزمُ من وجود هذا الوصف العدم، يعني عدم الحكم كالرق المثال المذكور يلزم من وجود الرق عدم الإرث، ولا يلزم من عدمه عدم الرق وجودٌ ولا عدمٌ، يعني قد لا يكون رقيقًا ولا يرث، إما لانتفاء شرط أو لانتفاء سبب.