وأيضًا يحجب نكاح نقصانًا، والولاء حرمانًا، وهما لا يحجبانه. يفهم بما سيأتي في باب الحجب، بهذه الأمور الثلاثة النسب أقوى من النكاح والولاء، وأخره المصنف هنا لماذا؟ لأجل النظم فحسب، لأجل استقامة النظم. قال الشارح: ولطول الكلام عليها، لأن أكثر الأحكام الآتية فيها - يحتمل هذا - يحتمل أنها أكثر الأحكام الآتية من التبويبات خاصة بالقرابة، أو أن أكثر من يكون من أصحابها هم القرابة.
(مَا بَعْدَهُنَّ لِلْمَوَارِيْثِ سَبَبْ) ليس سببٌ بعدهن بعد هذه الثلاثة، (مَا) هنا بمعنى نافية بمعنى ليس، وسببٌ اسمها، وبعدهن هذا متعلق بمحذوف خبر مقدم، (مَا بَعْدَهُنَّ) أي بعد هذه الأسباب الثلاثة المتفق عليها للمواريث جمع ميراث بمعنى الإرث سببٌ أي متفقٌ عليه، ويحتمل (مَا بَعْدَهُنَّ لِلْمَوَارِيْثِ سَبَبْ) صحيح، فحينئذٍ يكون الناظم هنا قد رجح في الأسباب الأربعة المختلف فيها ليست بأسباب، لكن هذا قد لا يقال به لأن المصنف شافعي، والشافعية عندهم شرطٌ وعندهم سببٌ رابعٌ وهو بيت المال إن انتظم، حينئذٍ يكون مما يَحْصُلُ به التوارث، (مَا بَعْدَهُنَّ لِلْمَوَارِيْثِ) يعني للإرث (سَبَبْ) أي متفقٌ عليه، وإلا هناك سبب رابع مختلفٌ فيه وهو جهة الإسلام، يعني جهةٌ هي الإسلام، فيرث به بيت المال إن كان منظمًا عندهم عن الشافعية، وأما عند الحنابلة لا، لا يرث به البتة وهو الصحيح، وإن كان ثم أسباب كذلك مختلفٌ فيها وهي الالتقاط، والمعاهدة، والولاء، ومن أسلم على يده هذه ثلاثة مع بيت المال أربعة هذه كلها مختلفٌ فيها، والصحيح في المذهب وترجيحًا أنه لا يورث بها البتة، وإنما الأسباب المتفق عليها هي هذه الثلاثة النكاح والولاء ولاء العتاقة والنسب، (مَا بَعْدَهُنَّ لِلْمَوَارِيْثِ سَبَبْ) متفقٌ عليه، ولا على جهة الترجيح، حينئذٍ لا إرث لا ببيت المال ولا بالالتقاط، ولا بمن أسلم على يديه، ولا بالمعاهدة والولاء هذه كلها أسبابٌ ضعيفة، والراجح فيها انه لا يورث بها. وإن ذكر شيخ الإسلام في بعضها أنه يصح بها الإرث، لكنه منازعٌ من جهة الدليل.
ثم شرع في ما يتعلق بالموانع وهي مرتبطة بهذا الباب، والله أعلم.
وصلَّى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.