قَالَ: " وَلم ير الْإِسْمَاعِيلِيّ أَن هَذَا محَال فِي مبدأ الْأَمر، لِأَن الْعلم الضَّرُورِيّ قد لَا يحصل دفْعَة وَاحِدَة، وَضرب مثلا بِالْبَيْتِ من الشّعْر يسمع أَوله فَلَا يدرى أنظم هُوَ أم نثر، فَإِذا اسْتمرّ الإنشاد علمت قطعا أَنه قصد بِهِ قصر الشّعْر، كَذَلِك لما اسْتمرّ الْوَحْي واقترنت بِهِ الْقَرَائِن الْمُقْتَضِيَة للْعلم الْقطعِي حصل الْعلم الْقطعِي، وَقد أثنى الله عَلَيْهِ بِهَذَا الْعلم فَقَالَ: {آمن الرَّسُول بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه - إِلَى قَوْله - وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله} ، وإيمانه عَلَيْهِ السَّلَام بِاللَّه وَمَلَائِكَته إِيمَان كسبي مَوْعُود عَلَيْهِ بالثواب الجزيل كَمَا وعد على سَائِر أَفعاله المكتسبة، كَانَت من أَفعَال الْقلب أم من أَفعَال الْجَوَارِح ".
قَالَ: " وَقد قيل فِي قَوْله: لقد خشيت على نَفسِي " أَي خشيت أَن لَا أنهض بأعباء النُّبُوَّة وَأَن أَضْعَف عَنْهَا، ثمَّ أَزَال الله خَشيته ورزقه الأيد وَالْقُوَّة والثبات والعصمة ".