أَي يُغطي ويلف بالثياب لشدَّة مَا أَصَابَهُ من هول الْأَمر ولحقه من شدَّة الغط وَثقل الْوَحْي، وَإِن كَانَ قد قَالَ بعض الْمُفَسّرين: إِنَّه إِنَّمَا كَانَ يفعل هَذِه فرقا من جِبْرِيل لأوّل مَا يلقاه حَتَّى أنس بِهِ.
وَقيل: بل قيل لَهُ: {يَا أَيهَا المدثر} و {المزمل} لِأَنَّهُ حِين أَتَاهُ الْملك وجده متزملا ملتفا بِثَوْبِهِ فَنُوديَ بِصفة حَاله - قَالَ - وَالْأول أصح وَأولى لفظا وَمعنى، والمزمل والمدثر وَاحِد، وَيُقَال لكل مَا يلقى على الْجَسَد دثار وللفافة الْقرْبَة زمال، وَمعنى المزمل والمدثر والمتزمل والمتدثر أدغمت التَّاء فِيمَا بعْدهَا، وَقد جَاءَ فِي أثر أَنَّهُمَا من أَسْمَائِهِ عَلَيْهِ السَّلَام ".
قلت:
الدثار هُوَ مَا يلقى على الْجَسَد فَوق الشعار، والشعار هُوَ الَّذِي يَلِي الْجَسَد، وَمِنْه قَول النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: " الْأَنْصَار شعار، وَالنَّاس دثار " إِشَارَة إِلَى قربهم مِنْهُ.
قَوْلهَا: " فزملوه حَتَّى ذهب عَنهُ الروع ":
أَي فَفَعَلُوا مَا أَمرهم بِهِ، وَفِي بعض الرِّوَايَات: " زَمِّلُونِي فدثروه "، وَفِي أُخْرَى " دَثرُونِي فدثروه " لِأَن الْكل بِمَعْنى وَاحِد.