مَا نزل بِهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ".
قَوْله: {الَّذِي خلق} .
أَي الْخَالِق أُرِيد إِثْبَات هَذِه الصّفة لَهُ على الْخُصُوص فَحذف الْمَفْعُول إِذْ كَانَ المُرَاد إِثْبَات أصل الصّفة من غير نظر إِلَى تعْيين الْمَخْلُوق إِذْ هُوَ الَّذِي يخلق لَا خَالق سواهُ، وَهَذَا معنى قَول أبي الْعَبَّاس الْمبرد: المُرَاد بِهِ ذكر الْفَاعِل فَحسب.
فَإِذا اتَّضَح أَن هَذَا الْمَعْنى هُوَ المُرَاد لم يحْتَج إِلَى إِظْهَار الْمَفْعُول إِذْ لَو أظهر لَكَانَ التَّقْدِير: الَّذِي خلق كل شَيْء أَو خلق الْعَالم.
وَقيل: التَّقْدِير: خلقك، فَيكون خَاصّا.
وَقَوله بعد ذَلِك: {خلق الْإِنْسَان} :
المُرَاد بالإنسان على القَوْل الثَّانِي من خُوطِبَ بِالْكَاف فِي {خلقك} على الِالْتِفَات، أَو أَرَادَ جنس وَهُوَ كل مَخْلُوق من نسل آدم عَلَيْهِ السَّلَام. وعَلى القَوْل الأول يكون تَخْصِيصًا بعد تَعْمِيم لعظم شَأْن الْإِنْسَان وكرامته على ربه عز وَجل.
و {العلق} : جمع علقَة وَهِي الدَّم الجامد وَغَيره يُقَال لَهُ المسفوح، وَإِنَّمَا جمع هُنَا لِأَن المُرَاد بالإنسان الْجِنْس على القَوْل الأول وَهُوَ الْأَصَح الْأَقْوَى، وَقيل: المُرَاد بالإنسان آدم عَلَيْهِ السَّلَام.