وَهُوَ كثير، أَي اقْرَأ اسْم رَبك بِمَعْنى اذكر أسماءه وَصِفَاته وَمَا يسْتَحق أَن ينعَت بِهِ من صِفَات الْجلَال والكمال، ونزهه عَمَّا لَا يَلِيق بِهِ كَقَوْلِه: {وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى فَادعوهُ بهَا وذروا الَّذين يلحدون فِي أَسْمَائِهِ} يَعْنِي الْمُشْركين الَّذين يصفونه بِمَا لَا يَلِيق بجلاله كَقَوْلِهِم: الْمَلَائِكَة بَنَات الله، وكتسميتهم آلِهَتهم اللات والعزى ومناه وَنَحْوهَا، وكما يَقُوله فرق النَّصَارَى فِي أقانيمهم.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الْبَاء لَيست بزائدة بل هِيَ لأحد مَعْنيين:
الأول: أَنه من بَاب قَوْلك: فعلت هَذَا بعون الله وتوفيقه، أَي ملتبسا بِهِ يُرَاد بذلك بركَة الْفِعْل وَإِسْنَاده إِلَى خالقه ومريده، يُقَال: فعلت كَذَا باسم الله وعَلى اسْم الله، قَالَ الله تَعَالَى: {وَقَالَ اركبوا فِيهَا باسم الله}
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
(فَقَالَت على اسْم الله أَمرك طَاعَة ... )
وَالثَّانِي: أَن التَّقْدِير: اقْرَأ مفتتحا باسم الله، أَي لتكن قراءتك أبدا مفتتحة باسم الله، إِشَارَة إِلَى الِابْتِدَاء بِتَسْمِيَة الله وَهِي ذكره فِي ابْتِدَاء الْقِرَاءَة، كَمَا سنّ ذكره تَعَالَى فِي ابْتِدَاء كل أَمر ذِي بَال، وَهَذَا مسنون.