وَقَالَ أَبُو عبد الله الْقَزاز: " التحنث: إمَاطَة الْحِنْث وإزالته، وَمثله التحوب وَهُوَ إِلْقَاء الْحُوب وَهُوَ الْإِثْم والذنب - قَالَ -: وَلم يَأْتِ تفعل الرجل إِذا ألْقى الشَّيْء عَن نَفسه غير هاذين.
وَمِنْه قَول حَكِيم بن حزَام للنَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: " يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت أمورا كُنَّا نتحنث بهَا فِي الْجَاهِلِيَّة من صَدَقَة وصلَة رحم هَل لي فِيهَا من أجر "، يُرِيد بالتحنث إِلْقَاء الْحِنْث.
وَقَالَ الإِمَام أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ: " وَقيل للتعبد التحنث لِأَنَّهُ يلقِي بِهِ الْحِنْث عَن نَفسه، وَنَظِيره فِي الْكَلَام التحوب والتأثم أَي إِلْقَاء الْحُوب وَالْإِثْم عَن النَّفس، قَالُوا: وَلَيْسَ فِي كَلَامهم: نَفْعل الرجل إِذا ألْقى الشَّيْء، عَن نَفسه غير هَذِه ".
قلت: فحصر الْقَزاز ذَلِك فِي حرفين، وَزَاد الْخطابِيّ ثَالِثا وَفِي كَلَامهم بِهَذَا الْمَعْنى أَكثر من ذَلِك وَإِن كَانَ على خلاف قَاعِدَة الْبَاب، فَإِن الأَصْل أَن " تفعل " الْمُشْتَقّ من شَيْء هُوَ لمن فعل ذَلِك الشَّيْء، مثل " تكلم " و " تعلم " و " تحسر " و " تغسل "، لِأَن معنى ذَلِك: صدر مِنْهُ