فَإِن قلت: هَذِه التوطئة هَل فعلت مَعَ غير نَبينَا صلى الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ؟
قلت: لم يبلغنِي بعد فِي ذَلِك شَيْء، وَالْأَمر مُحْتَمل، فَيجوز أَن تكون فعلت مَعَ كل وَاحِد مِنْهُم أَو مَعَ بَعضهم، وَيجوز أَن يكون ذَلِك من خَصَائِص مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - عناية من ربه بِهِ، وَزِيَادَة فِي إكرامه، وتفضيلا لَهُ على غَيره، وإظهارا لعلو مَنْزِلَته عِنْده وَشرف مَحَله، كَمَا عرف ذَلِك مِنْهُ بِهِ فِي غير ذَلِك، وَالله أعلم.
ثن إِنِّي وجدت فِي " كتاب دَلَائِل النُّبُوَّة " لِلْحَافِظِ أبي نعيم أَحْمد بن عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ: ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن، ثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا منْجَاب بن الْحَارِث، ثَنَا عبد الله بن الْأَجْلَح، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة بن قيس قَالَ: " إِن أول مَا يُؤْتى بِهِ الْأَنْبِيَاء فِي الْمَنَام حَتَّى تهدأ قُلُوبهم، ثمَّ ينزل الْوَحْي بعد ".
وَقد ذكر الْحَلِيمِيّ من وُجُوه الْوَحْي أمرأ آخر فَقَالَ: " وَمِنْهَا أَن يلهم الله عز وَجل أحدا - يَعْنِي من الْأَنْبِيَاء - بِلَا كَلَام يسمعهُ علم شَيْء فيجده فِي نَفسه من غير توصل تقدم مِنْهُ إِلَيْهِ بِخَبَر أَو اسْتِدْلَال ".