كَانَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - يرى عجائب قبل بعثته، فَمن ذَلِك مَا فِي " صَحِيح مُسلم " من حَدِيث جَابر بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: " إِنِّي لأعرف حجرا كَانَ يسلم عَليّ قبل أَن أبْعث، إِنِّي لأعرفه الْآن ".

وَوَقع فِي " سير ابْن إِسْحَاق " عَن عبيد بن عُمَيْر أَن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " فَجَاءَنِي جِبْرِيل وَأَنا نَائِم بنمط من ديباج فِيهِ كتاب، فَقَالَ: اقْرَأ، قلت: مَا أَقرَأ، فغتني حَتَّى ظَنَنْت أَنه الْمَوْت "، فَذكر نَحْو حَدِيث عَائِشَة.

وَلَيْسَ فِي حَدِيث عَائِشَة أَن ذَلِك كَانَ فِي النّوم، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنَافِيهِ، وَيجمع بَين الْحَدِيثين من وَجه حسن قَالَه السُّهيْلي وَهُوَ أَن يكون النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - رأى جِبْرِيل فِي الْمَنَام قبل أَن يَأْتِيهِ فِي الْيَقَظَة تَوْطِئَة وتيسيرا عَلَيْهِ ورفقا بِهِ، لِأَن أَمر النُّبُوَّة عَظِيم، وعبأها ثقيل والبشر ضَعِيف، وَهَذَا كَمَا ذكره فِي حَدِيث الْإِسْرَاء وَاخْتَارَهُ ثمَّ جمَاعَة من الْعلمَاء، وَفِي حَدِيث عَائِشَة مَا كَأَنَّهُ يرشد إِلَى ذَلِك إِذْ أخْبرت أَنه - صلى الله عليه وسلم - كلان لَا يرى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح، تُرِيدُ فِي صِحَّتهَا وظهورها، فَكَانَت رُؤْيَته جِبْرِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام فِي النّوم من ذَلِك لما رَآهُ يقظة وَالله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015