فاجأه بِغَار حراء، وَأَنه قَالَ لَهُ - بعد مَا غطه ثَلَاث مَرَّات: {اقْرَأ باسم رَبك} ، وَقَالَت فِي الحَدِيث: ثمَّ فتر الْوَحْي فَتْرَة حَتَّى حزن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، وَغدا ليلقي نَفسه من قلَّة الجيل، فتبدا لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فسكن لذَلِك جأشه، وَأَن الَّذِي رَوَاهُ جَابر: إِن أول مَا نزل {يَا أَيهَا المدثر} كَانَ بعد فَتْرَة الْوَحْي، فقد أعلم النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - فِي حَدِيث جَابر أَنه أُوحِي إِلَيْهِ من قبل ثمَّ فتر الْوَحْي، وَأَن الْملك جَاءَهُ ثَانِيًا بعد فَتْرَة الْوَحْي، وَفِي ذَلِك لما قَالَت عَائِشَة تَصْدِيق وَتَحْقِيق أَن أول مَا نزل: {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} ، وَقَالَ الْحَافِظ الْبَيْهَقِيّ فِي دلائله نَحوا من ذَلِك.

وَقَالَ أَبُو عبد الله ابْن الْحَافِظ إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن الْفضل فِي " شَرحه لكتاب مُسلم ":

" وَجه الْجمع بَين حَدِيثي جَابر وَعَائِشَة أَن جَابِرا إِنَّمَا سمع من رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - هَذِه الْقِصَّة مختصرة كَمَا رَوَاهَا، وَلم يسمع قصَّة الغط والتعليم وَالْأَمر بِالْقِرَاءَةِ، وَهُوَ مَحْمُول على أَنه صلوَات الله عَلَيْهِ أول مَا استقرئ وَحمل على التَّعَلُّم كَانَ بقوله: {اقْرَأ باسم رَبك} فَجرى ذَلِك مجْرى التَّعْلِيم وَالْهِدَايَة إِلَى الْقِرَاءَة، فَلَمَّا وَطن نَفسه على ذَلِك وربط للتبليغ جأشه أنزل عَلَيْهِ {يَا أَيهَا المدثر} فَأمر بالأوامر وفرضت عَلَيْهِ الْفَرَائِض وخوطب بالشرائع وَالله أعلم ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015