(قَالَ) : " وَأما التَّعْبِير بالقلة عَن المعدم فَقَوله تَعَالَى: {فقليلا مَا يُؤمنُونَ} أَي لَا يُؤمنُونَ رَأْسا لَا قَلِيلا وَلَا كثيرا، وَمثله حَدِيث عبد الله بن أبي أوفى: " كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقل اللَّغْو " أَي لَا يَلْغُو أصلا ".
قَالَ: " وَكنت قد راجعت فِي ابْتِدَاء الطّلب سيدنَا وَالِدي فِي معنى هَذِه اللَّفْظَة فَذكر وَجها لم أر أحسن مِنْهُ ".
قَالَ: " مَعْنَاهُ تسْعَى فِي طلب عَاجز تنعشه كَمَا أَن غَيْرك يسْعَى فِي طلب مَال يثمره، وَالْكَسْب هُوَ الاستفادة، فَكَمَا يرغب غَيْرك أَن يَسْتَفِيد مَالا ترغب أَنْت أَن تستفيد عَاجِزا تجبره وتعيينه، وَالْكَسْب الْآن يَقْتَضِي مَفْعُولا فَردا وَهُوَ أولى لِأَنَّك لَا تحْتَاج فِيهِ إِلَى إِضْمَار شَيْء كَمَا تحْتَاج هُنَاكَ ".
قلت:
يُقَال: كسبت مَالا اي حصلته، وكسبت زيدا مَالا أَي؛ حصلته لَهُ، فَقَوْلهم: كسبت زيدا مَالا كَقَوْلِك " أَعْطَيْت زيد مَالا، فَهُوَ فِي قَوْله: " تكسب الْمَعْدُوم " يحْتَمل أَن يكون من هَذَا الْبَاب، لَكِن لم يذكر إِلَّا مَفْعُولا وَاحِدًا، فَيحْتَمل أَن يكون الْمَحْذُوف هُوَ الْمَفْعُول الأول، وَيحْتَمل أَن يكون الثَّانِي.