وبأصابعه أذنيه. يرجح هذا بقوله ولو لم يكن في اختياره إلا البعد عن التكلف لكان معنى يقتضي إيثاره ويحسّن اختياره (?). وهو معنى دقيق مأخوذ من أن الإِسلام دين الفطرة.
كما يقرر من ناحية أخرى أن البحث عن المعاني المعقولة في كل حكم من أحكام العبادة غير لازم. ولكن ذلك لا يمنع من قدح الفقيه فكره لإبداء المعاني المعقولة المناسبة. ومن ذلك أنه نقل عن شيوخه تعليلًا لقرن رفع اليدين بتكبيرة الإحرام. ثم نقل تعليلًا آخر عن بعض الخراسانيين وآخر عن بعض المتصوفة. ثم عقب على التعليلات الثلاثة بقوله. وهذه الثلاثة أجوبة دائرة كلها على أن القصد إشعار النفس بأمر ما. وهي معان تروق الذهن، وإن صحت وثبت أن قصد الشرع ذلك، فذكرها ها هنا غرضُنَا به التنبيه على محاسن الشرع وعنايته بأن يمهد للنفس تسهيل سبل الخير وليعلم المصلي أفعاله وما يقصد به (?).
عاشرًا: طريقته في الجمع بين الأحاديث.
إن الإِمام المازري وإن عني بالربط بين الحكم ودليله وتوجيه الاختلاف إلى الأصل المبني عليه أو طريقة النظر والفهم للدليل، إلا أنه عند ذكره للأدلة من السنة قلما ينبه على من أخرج الحديث. كما أنه كان كثيرًا ما يروي الحديث بالمعنى أو يقتصر على مقطع من النص. وبذلك كان تخريج الأحاديث التي استدل بها يتطلب مجهودًا كبيرًا. ولذلك بقيت بعض الأحاديث لم أعثر على من خرجها من العلماء.
وهو في تتبعه للمذاهب والأدلة كثيرًا ما يروي الحديث الدال على الحكم وحديثًا آخر يعارضه. فتراه يعمل على الأخذ بهما. ويطلق عبارة ما تخلف عنها أبدًا وهي "البناء" فهو لا يطلق كلمة الجمع. ولا كلمة التأويل. ولا كلمة التوفيق ونحو ذلك مما جرى على أقلام وألسنة الفقهاء. وإنما هو حسبما يبدو لي