تاسعًا: طريقته في الاستدلال والتعليل.
يفرق الإِمام المازري بين الدليل الملزم وبين التنظير الذي يقرب ولا يلزم. من ذلك أنه ذكر المذاهب في اللفظ الذي يدخل به في الصلاة. وأن أبا حنيفة يرى أنه يجزئ كل لفظ فيه تعظيم وردّ مذهبه بأن الصلاة عبادة غير معقول معناها فيجب التسليم والاتباع. ولو حاول محاول إبدال الركوع بالسجود لكونه أبلغ في الخضوع لما قبل قوله وخرج عن مذاهب المسلمين. فكذلك القول بإبدال التكبير بالثناء والتمجيد. ثم استشعر أنه ابتدأ بترك القياس في العبادة ثم وقع فيه. فقال ولا تظنن أنما نهينا عن شيء وأتينا مثله لأننا لم نورد هذا قياسًا وإنما ضربنا به مثلًا ليتضح منع القياس في هذا الباب (?).
ومن ذلك أيضًا. أنه نقل عن بعض الذين يقولون بوجوب القراءة في الركعة أن الله حرم الكلام في الصلاة لأنه أوجب عملًا من الأعمال فحرم ما يشغله بغير القراءة. أما العين مثلًا فلما لم يوجب عليها عملًا لم يحرم عليها الاشتغال بالنظر. وعلق عليه بأنه لا يستقل دليلًا ولكن يصلح ترجيحًا (?).
ومن ذلك أنه ناقش الحنفية في دليلهم على عدم الترجيح في الأذان. فإن أبا محذورة كان شديد البغض للنبي - صلى الله عليه وسلم -. فلما أسلم أخفى صوته عند الإعلان بالشهادة حياء من قومه. ورد هذا الاستدلال بأن الشيء قد يشرع لسبب ثم يزول السبب ويبقى التشريع، وذلك كالرمل في الطواف مباهاة للمشركين. ثم قال وإنما ذكرنا هذا مثالًا لا دليلًا لأنا نخالف فيه أيضًا (?).
كما أنه يؤيد مرجحًا رأيًا على رأي بضروب من التوجيه مستمدة من مقاصد الشريعة بعضها منصوص عليه لغيره. وبعضها لم أعلم أن غيره اعتمده في مثل هذا المقام من ذلك أنه لما ذكر صفة رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام. وأن رأي العراقيين من أصحابنا كون اليدين قائمتين يحاذي بكفيه منكبيه