يتصور أن السنة تزداد قوة وصلابة بهذه الظاهرة. معتبرًا ذلك كالبناء الذي لا يكون صحيحًا قادرًا على الصمود. إلا إذا كان وضع أحجاره بعضها فوق بعض لا يتم بفواصل ونهايات متحدة ولكن بفواصل مختلفة نهاية كل حجارة هي وسط الحجارة التي فوقها والتي تحتها بما يقوي الالتحام. ويشد البناء.
حادي عشر: يختلف منهجه في كتابه هذا عن منهجه في المعلم. إذ صدور المعلم كتأليف لم يكن مقصودًا أصليًا. وإنما حصل بعد عرض تعليقاته عليه عند قراءة كتاب مسلم عليه. أما كتاب التلقين فقد كان يقصد من أول الأمر إلى إخراجه كتابًا. فتخير أن يكون منهجه ليس على طريقة الاختصار ولا على طريقة التوسع والاستطراد واستيفاء كل مسألة. بل هو يحيل تارة على تآليفه الأخرى وتارة ينبه على أنه طوى الكلام لئلا ينتشر. فهو مثلًا عندما يتحدث عن دليل وجوب استقبال القبلة {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}. قابل هذه الآية. بقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا} وبقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ}. أخذ يقابل بين هذه النصوص القطعية. ويتابع آراء الأئمة في ذلك. وختم ذلك بقوله: "وإنما لم نتمم لك النظر في ترجيح هذه الطرق لأن ذلك يخرج الكتاب عن غرضه" (?).
مكانته في الفقه:
يثبت له القاضي عياض أنه بلغ رتبةِ الاجتهاد. يقول فيه "إمام بلاد إفريقية وما وراءها من المغرب وآخر المستقلين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه ورتبة الاجتهاد ودقة النظر" (?).
ونقل العبارة ابن فرحون في الديباج.
ونقل عن ابن دقيق العيد أنه عجيب من عدم إعلانه بأنه مجتهد.
وابن عرفة يتحفظ في إثبات بلوغه درجة الاجتهاد.