الأولى، وأفتى ودرس. وانتفع به إلى أن مات (?) سنة ست وثمانين وأربعمائة رحمه الله. أما ولادته فلم يتعرض لها أحد من مترجميه. إلا أنهم أشاروا إلى أنه أدرك أبا بكر بن عبد الرحمن المتوفى سنة 431. وأبا عمران الفاسي المتوفى سنة 430 فيكون سنه حوالي خمس عشرة سنة عند وفاة أبي عمران. إذ هو أقل سن التلقي غالبًا أي حوالي سنة 415 - ويكون قد عمر حوالي سبعين سنة.
هذه الرواية التي ذكرها عياض نقلها عنه الحجوي وعلق عليها. وإني لأعجب من انبساطه لا من انقباضه. ولقد فسدت أحوال وأخلاق ذلك الزمان. ولذا كانت دولة إفريقية في اضمحلال حيث صارت أفكار أكابر علمائها وأعمال أمرائها إلى ما سمعت (?).
إن هذه القضية تدلنا على أمور:
أولًا: عن انخرام الأمن وفساده فسادًا كليًا. بانتشار الظلم، إذ أصبح الإنسان مؤاخذًا بما لم يفعله ولم يشارك فيه، ولم يدبر. وتنزل العقوبة التي لا ترحم ولا مثنوية فيها بالمجرم وغير المجرم. وأن هذا البلاء قد عم. فلا فرق في نزول صواعقه بين أن يكون المسلط عليه عالمًا أو جاهلًا مكرمًا في نظر الجماعة أو غفلًا لا يؤبه به.
ثانيًا: أن أعز شيء على العالم كتبه بعد دينه وعرضه. فإذا بلغ به الأمر إلى بيع كتبه. فلا بد لنا من أن نتصور القسوة في المعاملة التي كانت تنتظر ولده لو لم يبع الوالد كتبه.
ثالثًا: أن النص يدل على أنه كان مضغوطًا عليه محصورًا في المهدية لا يبرحها مع أنه الركن الذي يفزع إليه القاضي لتبين حكم ما استبهم، وأهل المهدية لمعرفة ما أشكل من أحكام دينهم. إذ لو لم يكن محكومًا عليه بالإقامة في المهدية ما عمل الحيلة للخروج إلى سوسة.
رابعًا: أنه يفهم من ثنايا النص تبعًا لما ذكرناه أن تميمًا غضب عليه وأنه