شرح التلقين (صفحة 62)

أما إيجاب الإعادة على الجاهل فيتخرج منه أن قراءة السورة واجب هكذا قرر الشيخ أبو الحسن. فعقب عليه الإِمام المازري بأن المذهب اختلف هل إن الجاهل يعامل معاملة العامد أو لا؟ فإذا قلنا إن الجاهل والعامد سواء لم يبق وجه للتخريج الذي كشف عنه أبو الحسن. وقد حاول الشيخ أبو الحسن اللخمي أن يخرج من المذهب قولًا بالإيجاب بقراءة السورة. واعتمد علي قول عيسى: من ترك السورة عامدًا أو جاهلًا أعاد. وأظنه إنما اعتمد على هذه الرواية لما ذكر فيها ترك القراءة جهلًا. لأن القول بالإعادة مع العمد قد يحمل على طريقة القائلين بالإعادة لترك السنن عمدًا. وفي هذا التخريج نظر لأن المذهب اختلف في الجاهل هل هو كالعامد أو لا؟ فإذا قيل إنه كالعامد وكان تعمد ترك السنن يوجب الإعادة لم يسلم له هذا التخريج (?).

الشيخ عبد الحميد الصائغ:

هو الشيخ أبو محمَّد عبد الحميد بن محمَّد القروي المعروف بابن الصائغ. كان فقيهًا نبيلًا فهمًا فاضلًا أصوليًا زاهدًا نظارًا جيد الفقه قوي العارضة. محققًا. بهذا ترجم له القاضي عياض. تخرج على أيدي جلة مشائخ القيروان إذ أدرك أبا بكر بن عبد الرحمن وأبا عمران. وتفقه بالعطار وابن محرز والمولي والتونسي والسيوري. وسمع أبا ذر الهروي (?). ثم انتقل من القيروان إلى سوسة إثر الزحف المخرب من أعراب صعيد مصر لعاصمة الحضارة بالمغرب.

وبجمعه بين الفقه والتضلع في علم الأصول كان أقرب إلى تلميذه المازري الذي كان ينوه به ويعتمده ويستطلع رأيه. ومع ذلك فإن هذا التقدير والاعتراف بالفضل لم يمنعه ذلك من مناقشة شيخه. ولكن بصفة أقل من تعقبه لآراء اللخمي وذلك في نظري لسببين مرتبطين:

السبب الأول: أن اللخمي لم يكن متمكنًا من علم الأصول فانفلتت عليه بذلك كثير من المسائل ولم تنتظم في السلك الأصولي الجامع. بينما كان الشيخ عبد الحميد أصوليًا. كما أثنى عليه بذلك القاضي عياض. ولبراعة الإِمام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015