مواضعها. ولقد كنت خاطبته على مواضع منها رأيته انحرف فيها عن أغراض أهلها فربما أظهر قبولًا لذلك، وربما استثقله. ولقد جمع في هذا الكلام بين حقائق مختلفة ساقها مساق الحقيقة الواحدة. فقال النهي عن الشيء أمر بضده إذا كان ضدًا واحدًا وليس كذلك إذا كان ذا أضداد. وقد صدق فيما قال لأنه إذا كان ضد واحد، وكان الخطاب أمرًا، كان ذلك نهيًا تعين الأمر في الضد الواحد وإن كان ذا أضداد كان الأمر بواحد منها لا بعينه. ولكنه مثل الضد الواحد بالفطر والصوم. فلما كان الفطر والصوم ضدين كان الأمر بأحدهما نهيًا عن الآخر والنهي عن أحدهما هو الأمر بالآخر. ومثل ذي الأضداد يكون النهي عن الشيء ضده الإباحة، لذلك الشيء أو الندب إليه أو الوجوب له، فأنت تراه كيف مثّل الأضداد مرة بالأفعال المأمور بها، ومرة بنفس الأوامر والنواهي. وليس هو سياقة الحاذق بالأصول ولكن مقصده مفهوم. وتحقيق العبارة عنه أن تقول إن الأمر بالشيء نهي عن ضده إذا كان ذا ضد واحد وعن سائر أضداده إذا كان ذا أضداد. والنهي عن الشيء أمر بضده إذا كان ذا ضد واحد. وبأحد أضداده إذا كان ذا أضداد. فالنهي عن الصلاة على الكفار أمر بأحد التروك المضادة للصلاة عليهم لأن الصلاة عليهم ترك لأمور كثيرة تكون كلها أضدادًا للصلاة عليهم. واحد هذه الأضداد الصلاة على المؤمنين لأنا إنما نجعل النهي عن الشيء أمرًا بأحد أضداده لا بعينه. فلا يمكن هذا تعيين الأمر بالصلاة على المؤمنين لأجل هذا النهي. فأنت ترى كون الأمر بالشيء نهي عن نحمده لا مدخل له في الاستدلال على هذه المسألة، ولكن إنما سلك فيها إجراءها على باب دليل الخطاب (?).
وكما يناقش شيخه اللخمي في كثير من القضايا الأصولية. فكذلك هو
يناقشه في بعض التخريجات التي يرى أن شيخه قد أغفل فيها بعض المعطيات. ومن ذلك تخريج اللخمي أنه يمكن أن يترتب على قول عيسى بن دينار أن من ترك السورة عامدًا أو جاهلًا يجب عليه إعادة الصلاة. خرج عليه القول بأن قراءة السورة واجب. ذلك أن إيجاب إعادة الصلاة لمن ترك السنن عامدًا هي طريقة في المذهب في السورة وفي غيرها.