شرح التلقين (صفحة 348)

اللسان في الاغتس الذيقال: طهرت المرأة إذا اغتسلت، لم يكن بين القراءتين تعارض إذا حملنا يطهرن بالتخفيف على الغسل. وإن سلمنا أن الظاهر في قراءة التخفيف زوال الدم قلنا: هاتان قراءتان هما كآيتين. فكأنه قال في الآية لا تقربوهن حتى يزول الدم. وقال في آية أخرى لا تقربوهن حتى يغتسلن. فذكر غاية وذكر غاية بعدها. فيمنع ما بعد الغاية الأولى بما تضمنته الغاية الثانية، وتصير كآية ثانية زادت حكمًا. ويعضد هذا بقوله فإذا تطهرن. وهذا كلام متعلق بما قبله، تعلق الشرط بالمشروط. ولا شك في حمل هذا الكلام الثاني على الغسل؛ لأنه لم يقرأ إلا مشددًا. والتشديد يفيد الغسل. مع أنه سبحانه ختم الآية بالثناء على المتطهرين، ولا يثنى (?) على المكلف إلا بما يكتسب. وإذا ثبت حمل الكلام الثاني على الغسل، كان دليله أنهن إذا لم يتطهرن فلا تأتوهن، فقد صار دليل هذا الخطاب الثاني يطابق ما اقتضته قراءة التشديد. ويجب النظر في قراءة التخفيف. فيعلم أنها إنما تفيد إباحة الوطء من جهة دليل الخطاب، وأهل الأصول مختلفون في إثباته ونفيه. ولا شك في أن مثبتيه يثبتونه ها هنا. وأما نافوه فبينهم اختلاف فيما عُلق بحرف الغاية. هل ينفي طردًا للأصل أو يثبت لقوة دلالة الغاية على الغاية على أن ما بعدها بخلاف ما قبلها؛ فإن قلن ابن فيه في مثل هذا لم يبق معارض يعارض قراءة التشديد. وإن قلنا بإثباته ها هنا وقلنا أن العرب تقول طهرت المرأة إذا اغتسلت، فقراءة التخفيف يحتمل أن يراد بها الغسل فتحمل عليه. وتكون قراءة التشديد المفيدة للغسل كالمفسرة لهذا الاحتمال الرافعة لهذا الإجمال. وإن قلنا إن الظاهر إفادة قراءة التخفيف لزوال الدم كان ما بعد هذه الغاية مستفاده الإباحة فيه من ناحية دليل الخطاب. وقد عارض هذا التأويل (?) عموم قوله ولا تقربوهن حتى يطهرن على قراءة التشديد.

وعارضه أيضًا دليل قوله فإذا تطهرن فآتوهن لأن دليله (?) أنهن إذا لم يتطهرن لا تأتوهن. فهذان كدليلين تعارضا وترجح أحدهما على الآخر لمطابقة العموم له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015