شرح التلقين (صفحة 347)

منهما علامة في انقطاع الدم، فاستوى في ذلك من اعتاد العلامة ومن لم يعتدها وهذا في المعتادة.

وأما المبتدأة فقد وافق ابن القاسم على أنها إذا رأت الجفوف طهرت.

قال بعضهم: وهذا منه جنوح إلى طريقة ابن عبد الحكم. وعندي أن الأمر ليس كما قدره هذا المتعقب على ابن القاسم لأن المعتادة خروجها عن عادتها يريب، فلا تنتقل عن العادة إلى ما هو أضعف. فإن وجدت ما هو أقوى وجب إطراح عادتها. والمبتدأة قد رأت الجفوف وهو علامة في نفسه. ولم تسترب لمفارقة عادة. وشتان بهن علامة استريبت، وعلامة لم تسترب. وإذا أمكن أن ينح وابن القاسم هذا النحو، فلا وجه لأن يضاف إليه التناقض أو الرجوع عن مذهبه.

وهذا واضح.

والجواب عن السؤال السادس: أن يقال: اختلف الناس في وطء الحائض إذا رأت الطهر، فمنعه مالك. وقال ابن بكير من أصحابنا: بالمنع منه استحبابًا لا إيجابًا. وقال أبو حنيفة: إن رأت الطهر بعد أكثر الحيض الذي هو عنده عشرة أيام حل وطؤها. وإن رأته قبل ذلك لم يحل وطؤها إلا بالغسل. ويتحقق (?) وجوب الصلاة عليها. ووجوب الصلاة يتحقق بآخر وقت الصلاة عنده. ودليلنا قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله} (?). وقد اختلفت القراءة في يطهرن فقرئ بالتشديد والتخفيف. والظاهر أن التشديد يفيد الغسل والتخفيف يفيد زوال الدم. فإن قيل قد يفيد التشديد زوال الدم، قيل صيغة تفعل إنما تستعمل فيما يكتسب بمثل تكلم وتعلم. وزوال الدم لا يكتسب. فإن قيل قد قالوا: تكسر الكوز وتقطع الحبل. والكوز والحبل لا يكتسبان الفعل المضاف إليهما. قيل: هذا مجاز. والأصل في اللسان ما قلناه.

فإذا ثبت هذا قلنا قد وضح (?) أن قوله حتى يطهرن على قراءة التشديد. يفيد منع الوطء قبل الاغتسال. وأما قراءة التخفيف فإن قلنا إن التخفيف يستعمل في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015