شرح التلقين (صفحة 3196)

عند ابن القاسم. وأما إن ثبت أنه قرض فأر ولم يثبت أنه لم يفرط، فهل يصدَّق في قوله: إني لم أفرط، أولًا يصدق؟ في ذلك قولان: ذكر في المدونة في كتاب تضمين الصناع أنه لا يصدق إلا أن يثبت أنه قرض فأر وإنه لم يفرط.

وذكر ابن حبيب أنه يصدق في أنه لم يفرط.

وأما إن أتى به وقد أثر فيه السوس ففي ذلك قولان أيضًا: ذكر ابن حبيب أنه لا ضمان عليه، لكون السوس عنده أمر غالب يبعد منه. وفي الدمياطية عن ابن وهب أنه يضمن.

وأما إن أتى به وقد أحرقت بعضه النار، ففيه أيضًا قولان في المدونة:

إنه لا يضمن إذا ثبت أنه حرْق نار، كما لا يضمن لو ثبت كونه سُرق. ولمالك في الموازية أنه يضمن. قال ابن المواز: إلا أن يثبت أن ذلك (?) سبب له فيه.

فأنت ترى ما ذكرناه من الخلاف في هذه الثلاث مسائل، وأن الأمر انحصر فيه على أن التلف إذا كان من فعل غير المرتهن أو الصانع فهل يسقط عنه الضمان بمجرد ثبوت هذا، لكون الفعل عُلم أنه وقع من غيره، أو يبقى حكم الضمان حتى يثبت أنه مغلوب في هذا التلف، ولم يتعدّ في تمكين غيره من هذا الفعل، كفأر وسوس, لأن هذه الأمور، وإن كان يعرف أنها من فعل غير المرتهن، فإنه أيضًا قد عُلم أنه من جهة العادة أن فعل التلف في قدرة المرتهن أن يمنعه منه، ويصون الرهنَ، فصار كمن قدر على صيانة مالِ مسلمٍ فلم يفعل، فإنه يضمنه، هذا بمجرد القدرة على صيانة مال مسلمٍ، فكيف في الرهبان والصناع!؟ وأربابها إنما أسلموا الرهن ليصونه المرتهن، فصار كمن التزم شيئًا فلم يفعله، فيتأكد وجوب الضمان عليهم في هذا في معاينة التلف لبعض الرهن والعلم بأنه من غير فعل المرتهن، فالشك في كونه أعان على تلفٍ بتفريطٍ أو لم يفق (?) على التلف، فذلك استصحاب لبراءة ذمته. وكون الأصل فيمن أضيف عليه فعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015