شرح التلقين (صفحة 3195)

والنظر عندي يقتضي في هذه الطريقة أن ما أشكلت الأدلة فيه وتقاومت أو كادت تتقاوم، فإنه يحسن فيه الوفاء بهذا الاشتراط. وما اتضحت طرق التخريج فيه فيكون بخلاف ذلك، وإذا اقتضى الشرع كون العقد موجبه إثبات الضمان أو سقوط نظر فيما (?) أولى أن يقدم: هل الوفاء بموجب العقد أو الوفاء بالشرط لقوله صلى الله عليه وسلم "المؤمنون عند شروطهم" (?) وهذا الخلاف الذي وقع مطلقًا، وحسن الخلاف فيه إذا كان الرهن في أصل عقد بيع أو عقد سلف، لأن الرهن هناك تكون له حصة من الثمن في المبيع، أو معناها في السلف.

وأما لو كان هذا الاشتراط في رهن تطوع به الراهن بعد عقد البيع والسلف من غير شرط كان في أصلها، فإنه ها هنا قد لا يحسن الخلاف فيه على أصل المذهب لأنّ التطوع ها هنا بالرهن كالهبة والمعروف والإحسان، وإذا أضاف إلى هذا أنه تطوع بإسقاط الضمان فيه، وإن كان إسقاط الضمان معروفًا آخر فإن ذلك إحسان بعد إحسان فلا وجه للمنع فيه، بخلاف إذا كان ذلك في أصل العقد للبيع والسلف. ويؤكد هذا أن ما يغاب عليه في العوادي يُضمن عندنا.

وهذان الإمامان اللذان اختلفا في اشتراط سقوط الضمان في الرهبان هل يوفّى به أم لا؟ اتفقا على ضمان ما يغاب عليه في العوادي، واتفقا على أن اشتراط إسقاط الضمان في العوادي يجب أن يوفى به. والذي فرّق بينهما، بين العوادي والبرهان، في هذا، إنما رأى أن الرهبان لها حصة في المعاوضات وأما العوادي فلا عوض فيها، وإنما هي هبة ومعروف، فإسقاط الضمان فيها معروف على معروف، فلا يُمنع. ولو ظهر هلاك ما يغاب عليه من الرهبان على الجملة دون التفصيل، مثل أن يكون الرهن ثوبًا فيأتي به المرتهن وقد قرضه الفأر، فهل يسقط عنه الضمان في قرض الفأر أم لا؟ أما إن ثبت انه قرْضُ فأرٍ، وثبت أنه غُلِب على ذلك بعد الاجتهاد في صيانته، ولم يفرط، فإن ضمان ذلك يسقط عنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015