قال الفقيه الإِمام رحمه الله تعالى ورضي عنه: يتعلق بهذا الفصل ثلاثة أسئلة، منها أن يقال:
1 - ما حقيقة المذاهب في ضمان الراهن؟
2 - وما يستدل به على ذلك من طريق الاعتبار (?)؟
فالجواب عن السؤال الأول أن يقال:
اختلف الناس في ضمان الراهن، وما يستدل به على ذلك، على ثلاثة أقوال:
ذهب أبو حنيفة إلى أن ضمان الراهن (?) على الإطلاق، وأيّ جنس كان، حتى قال: لو كان الرهن دارًا فانهدمت من غير سبب المرتهن في ذلك لضمنها.
وقال الشافعي: لا يضمن المرتهن الرهن، قولًا على الإطلاق، أي جنس كان، وهو في يد المرتهن كالوديعة.
وقال مالك: إن كان مما يغاب عليهن كالحليّ والثياب وما في معنى ذلك من المتملكات، فإنه يضمن، وإن كان مما لا يغاب عليه من المتملكات المرهونة فإنه غير مضمون بل تَلَفه من راهنه.
هذا هو المعروف من مذهبه.
وقد خرج بعض الأشياخ من المذهب قولًا آخر من ضمان الحيوان، فمنهم من خرج ذلك من اختلاف قول مالك في المدونة، فيمن باع عبدًا أو (?) احتبسه بالثمن فمات العبد، فقد قال مالك، في أحد قوليه: إن ضمانه من بائعه الذي أمسكه رهنًا بالثمن. وهذا يقتضي أنه يرى، في أحد قوليه، ضمان الحيوان في الرهبان.