وبعض أشياخي يردّ هذا التخريج، ويرى أن سبب الاختلاف في قوله في ضمان العبد المحبوس بالثمن، ما اشتهر من الخلاف عندنا في ضمان المبيع هل يلزم المشتريَ بمجر العقد، أو لا يلزمه حتى يمضيَ بعد العقد من الزمن ما يُمكِن فيه البائع أن يسلم المبيع، ويمكنَ مشتويه منه، على حسب ما وقع الاختلاف فيه عندنا في كيّال الزيت إذا امتلأ اّو أهراق عقيب زمن امتلائه من غير أن يمضي بعد ذلك زمن يمكن فيه أن يفرِّغ في وعاء المشتري، فقد قيل: ضمانه من بائعه، وقيل: من مشتريه.
وبعض الأشياخ يخرج الخلاف في ضمان الحيوان في الرهبان من مسألة ذكرها في المدونة من استعارة أحد الشريكين دابة ليحمل عليها مال الشركة، فذكر الحكم في مشاركة الشريك التي لم يستعرها في غرامة قيمتها إذا تلفت، ولم يقل: إنه لا يضمنها مستعيرها ولا شريكه، تكون العارية كالرهان لا يضمن منها ما لا يغاب عليه. وقد قيل: إن القصد بما جرى في المدونة. بيان حكم ما يلزم الشريك فيما فعله شريكه في مال الشركة، ولم يقصد بذلك بيان حكم الضمان, لأنه يمكن أن يكون قاضي المكان أن يحكم بضمان العارية في الحيوان، فبنى الجواب عمّا سئِل عنه من المشاركة في الغرامة على ثبوت الضمان لوجه مّا.
ويستغنى عن هذا التخريج عندي: إن كان القصد إثبات اختلاف في المذهب في ضمان ما لا يغاب عليه من الرهبان بما ذكره القاضي أبو الفرج عن ابن القاسم فيمن ارتهن نصف عبدٍ وقبض العبد كله، فتلف، فقال ابن القاسم: لا يضمن إلا نصفه. والمعروف من المذهب لا يضمن منه شيئًا, لأن النصف في يده رهن، والحيوان لا يضمن في الرهبان.
وأمّا ما يغاب عليه فلا يختلف القول عندنا في ضمان ما يرهنا منه لا تصريحًا ولا تخريجًا. لكن اختلفت الرواية عن مالك رضي الله عنه في سقوط الضمان فيه إذا قامت بينة بهلاكه، فروى ابن القاسم وغيره عنه أن الضمان يسقط