شرح التلقين (صفحة 3148)

ورأى العلماء أن معنى سائر الديون تساوي (?) في المقصود بالرهن، وهو الاستيثاق بالحق المطلوب، وكون دافع الرهن له في ذلك منفعة، فلم يعطل مارهنَه من ماله، أو يحجره على نفسه إلا بعوض وهو (?) أنفع له، ولولاه ما عومل ولا دُويِن. وهذا المعنى يشترك الحقوق فيه وقد قال تعالى: "وأشهدوا إذا تبايعتم " ثم قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} فجعل الرهبان تقوم مقام الإشهاد عند تعذر الإشهاد، والإشهار (?) يجوز في سائر الديون والحقوق، فكذلك ما جعل ينوب (?) منابه.

وقد منع الشافعي الرهن في كتابة المكاتب لأجل أن الدين غير ثابت، وللمكاتب أن يعجّز نفسه، ويفسخ الكتابة متى شاء، وهذا يمنع من الرهن, لأن الرهن، توثّق بالحق، وما ليس بثابت فلا يتوثق منه.

ونحن نمنع هذا إذا كان الرهن من أجنبي تحمّل بكتابة المكاتب، ودفع رهنًا بما تحمل به, لأنّا لا (?) نجيز الكتابة يحمالة، كما نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.

وكذلك منع الشافعي من أخذ الرهن بالدرَك في ثمن المبيع, لأنه يرى أن الدرك يحمل على التأبيد، فإذا باع رجل سلعة من رجل بمائة دينار على أن دفع البائع سلعة من عنده رهنًا للمشتري يأخذ ثمنها إن استُحِق المبيع من يده، فإن ذلك يكون مؤقّتًا بوقت معلوم، فيصح دفع الرهن به تطوعًا, وأما في أصل العقد فإن فيه مخاطرة, لأنه لا يدفع على التأبيد، فمتى وقع استحقاقٌ بيع الرهن في الثمن، فكأن الراهن عطّل مِلكًا من أملاكه على التأبيد، وهذا كإضاعة المال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015