شرح التلقين (صفحة 3147)

والجواب عن السؤال الحادي (?) عشر أن يقال:

الرهن يصح أن يؤخذ عن كل حق، وإن اختلفت أنواع الحقوق الثابتة في الذمم، بأن يكون ثمنَ مبيع بيع النقد (?)، أو بيع بثمن إلى أجل، أو ثمنًا لإجارة، أو صداقًا في نكاح، أو عرضًا (?) عن خلع، أو أرشَ جناية إلى غير ذلك من سائر الحقوق الثابتة في الذمم.

وعلى هذا جمهور العلماء. وحكي عن بعضهم أنه لم يُجز الرهن إلا في السلمَ خاصة، تعلقًا منه بقوله تعالى {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (?) إلى قوله تعالى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (4) فافتتح الآية بذكر الدين المؤجّل وهو السلم، ولو كان المبيع سلعة وثمنها دنانير مؤجلة لحسن دخولها في هذا الظاهر, لأنها مداينة إلى أجل، وإن كان العرف تسمِيَتها بيعة أجل.

وإنما جرى العرف تسميته دفع دنانير في سلعة مؤجلة موصوفة بتسميتها سلمًا، فلأجل هذا قال هؤلاء لا يجوز الرهن إلا في السلم.

وعندي أن القوم قد يتخيلون أن الرهن كالرخصة لأجل الضرورة، والحاجة الداعية إلى أن يرخص فيه، وإنما تدعو الضرورة في غالب الأمر إلى ذلك في السلَم لأن الرهن بدل مال عن مال يكون في الذمة، ويُخشى الفلَس عند مَحِلّ الأجل، فيقبض من المديان سلعة تكون بيده رهنًا، فيمنع الراهن من التصرف فيها ويعطل منفعته بها، ويحجر عليه بيعها والانتفاع بها. والأصل في الأملاك ألا تُحجَر على مالكها، فقد صار الرهن كالخارج عن الأصول، فلهذا لا يجوز إلا فيما نص الشرع عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015