منسحبة على عموم الأزمان والأعصار، وتقرير النسخ فيها بالإمكان تطرّقٌ إلى فساد خطاب صاحب الشرع.
ومما يعتمد عليه أصحاب الشافعي أنه متى ألقي في الخمر بورق أو خلّ، أو غير ذلك مما يخللها، تنجس الملقَى فيه ابن جاستها، وصار مائعًا فيها مخالطًا لأجزائها، وقد صارت نجسًا، فلهذا منع من استعمالها وأكلها.
ويقول المبيحون لذلك: لما استحالت الخمر وطهُرت في نقسها زالت نجاسة ما خالطها مما ألقي فيها بزوال نجاسة ما نجّسه كالدن فإنه ينجس لمماسة أجزاء الخمر.
وإذا تخللت الخمر من قبل الله سبحانه وطَهُرت طهُر الدنّ بطهارة ما نجّسه. ويمنع أصحاب الشافعي هذا القياس على طهارة الدنّ، فإن الدن إذا نجس لمماسة الخمر النِجسة فإذا طهرت فقد استحالت تلك الأجزاء التي ماسته، فيبقى طاهرًا على ما كان عليه قبل أن يماسها، وما يلقى في الخمر مما يخلّلها فقد صار مائعًا فيها وهو نجس, فلا يطهر بطهارة الخمر التي نجسة (?) لأدت أجزاءه لم تنقلب عينها كما انقلبت عين الخمر.
وإذا وضح ما قلناه في هذه المذاهب والأدلة عليها، فقد وقع اضطراب في جواز (?) الخمر هل هو مما يؤثر؟، وكأن اليد عليها مما يرجح أم لا؟ فيه اضطراب، فقال بعض أصحابنا، فيمن غصب خمرًا فتخللت عنده: إنها تبقى للغاصب, لأن يد من غُصِبت منه كلايد، وحوزه كالعدم، فأشبه من خلل خمرًا لا يد لأحد عليها ولا حقّ لأحد فيها. وإذا قلنا: إن لوضع اليد عليها تأييدًا وترجيحًا رُدَّت إلى المغصوب منه وهذا مما ذكرناه في كتاب البيوع.