شرح التلقين (صفحة 3145)

آدمي يبيع مالم يبعه الموت الذي وقع عن فعل الله سبحانه.

وهذا وإن كان نوعًا من الاستدلال فإنه لا يطّرد في أصول الشرع، ألا ترى أن موت الإنسان من قِبَل الله لا يمنع ولده أن يرثه، ولو قتله ولدُه لم يرثْه، فقد صار ها هنا فعل الله سبحانه يتعلق به من الحكم ما لا يتعلق بفعل الآدمي، فلا يستنكر افتراق فعل الله سبحانه في تحليل الخمر وابن آدم لها، فيكون الحكم في ذلك مختلفًا.

ويحتج أصحاب الشافعي على التحريم بما روي أن أبا طلبة ذكر للنبي عليه السلام أن عنده مال أيتام فاشترى لهم به خمرًا، يريد حين كانت الخمر مباحة، فلما حرمت سأل النبي عليه السلام عن حكمه، فقال له: أرقْها. فقال: يا رسول الله هَلآ أخلّلها؟ فقال: لا).

فالأمر بالإراقة يقتضي منع التخليل، وقوله عليه السلام، لما سأله عن التخليل، لا، نهي عن تخليلها. وأيضًا فإن هذا مال أيتام، والشرع مبني على الاحتياط على مال الأيتام، وصونه عن التلف، فلو كان التخليل مباحًا يُصان به مال اليتامى لكون (?) - صلى الله عليه وسلم - يأمره به، ولا ينهاه عنه لما استفتاه في ذلك، ألا ترى أنه أشار بدباغ الجلد في شاة ميمونة لما كان مصلحة وصيانة للجلد.

يقولون: إن الحديث الذي تعلق به المبيحون للتخليل من قوله عليه السلام" يحل الدباغ الجلد كما يحل النحل الخمر، ضعيف لم يثبت.

ويقول أصحاب أبي حنيفة وأصحاب مالك المبيحون لذلك إن سؤال أبي طلبة كان حين نزل تحريم الخمر، وهي محبوبة كانت عندهم، فنمع عليه السلام من تخليلها لئلا يكون ذلك داعية إلى إفساد فِطامِهم عن شربها، فلما استقرّ الحكم بالتحريم وألِفُوا اجتنابها زالت هذه العلة.

وهذا تأويل ضعيف, لأن أحكام الشرع وأوامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونواهيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015