وسحنون. وبمثل ما قال مالك قال أبو حنيفة. وذهب الشافعي إلى أنها ترتفع عنها أحكام الخمرية عن (?) التفسيق وحدّ شاربها، ونجاسة الخمرية. لكنها يبقى فيها حكم نجاسة خل تنجس بما ألقي فيه من بول أو غيره. وهل يسوغ التخليل لها ابتداء أو يحرم؟ حزمه الشافعي وأباحه أبو حنيفة. وأغْلى بعض أصحابه في ذلك، حتى رآه مشرَّعًا مندوبًا إليه عندهم. وكره مالك رضي الله عنه.
وكأن هذه المسألة كالأصل فيما ذكرناه من الخلاف في تطهيرها وإباحية أكلها واستعمالها.
ويحتج المبيحون لها بهذا العلاج بقوله تعالى {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} (?) فقيل: إنه النحل وأنه رزق حسن. ويؤكده قوله عليه السلام "نعم الإدام النحل" (?). وهذا الثناء عليه يؤكد كونه رزقًا حسنًا.
وعم عليه السلام أنواع الخلول، ما تخلل منها، بعد أن كان خمرًا، بعلاج أو بغير علاج، أو ما لم يكن قطّ خمرًا. ويجيب أصحاب الشافعي عن هذا بأن ظاهر الآية التنبيه على ما أنعم به علينا مما يتخذه من نفس ثمرات النخيل والأعناب، لا فيما يكون يتخذ منها بواسطة، وهو التخليل بما يلقى.
ويحتج المجيبون (?) لها أيضًا بما روى أنه عليه السلام (يُحِل الدباغُ الجلدَ كما يحلّ النحل الخمر) فكأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل تحْليل الخمير بالتخليل كالأصل والدباغ في تخليلها (?) الجلد عند من رأى كون الجلد يطهر بالدباغ كالفرع.
واحتجوا بأن لفعل الآدمي تأثيرًا في الاستباحة، ألا ترى أن الشاة إذا ماتت حتف أنفها لم تؤكل، فإذا ذُكِّيت أكلت، فقد صار الموت الذي وقع عن فعل