أحدهما: أن تكون تخلّلت من غير صنع المخلوقين في ذلك، لا بإلقاء شيء يخلّلها وينقلها عن كونها خمرًا، ولا ينْقلها من ظل إلى شمسٍ، أو هواء إلى هواء.
أو يكون تخللها بعلاج أُبقيَ فيها وهو على قسمين: أحدهما أن يعالجها بالنقْل وتبديل الأهوية والأمكنة. والثاني أن يعالجها بشيء يلقيه فيها.
فأما القسم الأول، وهو مصيرها خلًّا من غير علاج من إلقاء، فإنها تطهير ويحل بيعها، والتأدُّم بها، وتكون كسائر الخلول التي (تصير خمرًا) (?). وهذا مما حكى فيه بعض الأئمة إجماع الأمة على ذلك. لكن بعض أصحاب الشافعي اشترط في إباحتها وطهارتها تكون (?) هذا التخليل في خمرة قُصِد بها في أول عصرها أن تُتَّخذ خلًّا، حتى لا يكون عاصيًا فيما بعدُ (أنها من إمساكها) (?) لتصير خَمْرًا.
وأما إذا تخللت بعلاج أو بالنقل من هواء إلى هواء أو مكان إلى مكان، من غير أن يُلقَى فيها شيء، فإن ابن القصار من أصحابنا، ذكر أنْ لا خلاف في هذه أنها تحل إذا صارت خلًا بهذا النوع من العلاج، وتطهُر. وذكر ذلك في احتجاجه عن الشافعي، ولعله أراد: لا خلاف بيننا وبينه، وإلا فبعض أصحاب الشافعي أجرى هذا العلاج بها مجرى علاجها بشيء يطرح فيها مما يخفلها في مقتضى العادة كالخل والبوْرق وما أشْبه ذلك، وأن ذلك يجري في بقائها على التحريم مجرى تخللها بشيء يُلقى فيها.
وأما إن كان علاجها بشيء يلقى فيها فتخللت، فهذا مما اختلف الناس فيه، فذهب مالك إلى كونها تطهير بذلك، وتحلّ، وترتفع عنها أحكام الخمرية من حد شاربها وتفسيقه وكرِه أكلَها بعض أصحاب مالك، عبد الملك