رهنًا بمجرد قول أمس، لكن ما فعلاه اليوم من قرضٍ أو بيعٍ والذي فعلاه اليوم أوجَب جبر المشتري أو المقترض على دفع ما جعله بالأمس رهنًا. وجرى ذلك مجرى الشروط التي يتأخر المشروط عن زمن العقد. لكن وإن تأخر عن ذمة (?) إذا أتى زمنه تعلق الشرط بالمشروط تعفُق وجوبٍ، كقول القائك: إنْ طلقتَ زوجتَك فعلي مائة دينار، أو اعتقتَ عبدك فعلى مائة دينار. فإن هذا الشرط إذا تقدم بقي على الترقّب فإنْ وقع الطلاق أو العنق إثر الشرط، وصار مع المشروط كالواقعيْن في زمن واحد، أو يفد (?) أنهما، وإن تزاحما في الزمن، فإن المشروط لم يحصل إلا بعد حصول الشرط، كقوله لزوجته: إن دخلت الدار فأنت طالق، فلا تأثير لهذا القول، لكنها لو دخلت وجب الطلاق.
والشافعي يلغي هذا الشرط في الرهن ويوجب القرض والبيع من غير زمن (?)، ولو أخذه لم يكن في يديه رهنًا، فهو كالأمَانَة. وهذا إضرار بالذي يُقرض والذي باع لأنهما إنما التزما إخراج ملكهما بشرط الرهن، وإذا قال: إذا بعتَ مني عبدك غدًا بمائة دينار فعبدي هذا رهن بها. فأصْبَحا وتبايعا, ولزم البيع عند الشافعي إذا عقداه من غير رهن، فلهذا ألزمَ البائعَ بيعًا التزمه على صفة ما ألزمه إياه مع سقوط الصفة، لا سيما والرهن كأنه جزء من الثمن، ولا يصح أن يُلزمَ من باع سلعة بمائة دينار أَلا يقبِض في ثمنه (?) إلا تسعين دينارًا.
وأما قياسهم على الشهادة، فإن الشهادة ها هنا لا تصح إلا عن أمر معلوم عند الشاهد، ألا ترى قوله تعالى {اوَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} (?). وعلمهما بقول هذا القائل اليوم: إذا بعتني غدًا عبدك بمائة دينار رهنتك عبدي هذا، لا يكون علمًا فيهما بما يفعلانه في الغداة من بيع أو غيره، وإنما يصير الثمن في الذمة