بانعقاد البيع، وهذان الشاهدان لم يعلما به، بخلاف الرهن فإنه لا تعلق له ها هنا، في صحة كونه رهنًا بالعلم، كما تتعلق الشهادة بعلم الشاهدة.
ويتعلق أصحابنا من جهة الاعتبار بأن الرهن إذْن من مالكه في إمساك الرهن وحفظه، والإذْن ها هنا يصح تقدُّمُه، ألا ترى أن القائل لو قال لرجل: أذنت لك أن تقبض بالغداة هذا الثوب وديعةً عندك، فإن هذا يصح. فإذا قبضه بالغداة صار وديعة بالقول الذي كان بالأمس، ولم يكن متعديًا في قوله: أذنت لك أن تقبض عبدي هذا غدًا على أنه رهن عندك. ألا ترى أن النبي عليه السلام لما بعث عسكرًا إلى الشام قال: "أميركم فلان، فإن قتل فأميركم فلان، فإن قتل فأميركم فلان (?) فعلق الإذن بشرط، على ما ذكر في الحديث، واحد بعد واحد، ثلاث مرات. فلا يستنكر في الشرع تعلق الإذن بأمر يكون في المستقبل.
وقد قال أصحاب الشافعي: الرهن لا يتعلق بالصفات ألا ترى أنه لو قال: إذا طلعت الشمس بالغداة فخذ عبدي رهنًا بالحق الذي استقر في ذمتي لك، فكذلك إذا تقدم على عقد البيع صار الرهن علق بصفة.
وقد تردد كلام ابن القصار في هذا فقال: إنما يتعلق الرهن بصفة تُفِيد كقوله: إن صبرت عليَّ، بالدين الذي حل لك عليّ، شهرًا فخذ عبدي رهنًا، فهذا القول ينعقد ويصح.
وأما تعليقه بزمن لا فائدة فيه، للراهن ولا للمرتهن، فإن ذلك لا يصح.
ثم قال: إنه لا يمتنع، على أصولنا، صحة هذا القول، وكون هذا رهنًا إذا طلعت الشمس.
وهذا الذي تردد فيه، ظاهر المذهِب فيه ما قال من كون ذلك يصح, لأن القائل ذلك كالواهب منفعة لمن له الدين وتطوع ببذل ما يستوثق به من حقه ببذله بعد حين من القول. وهذا لا نكير فيه.