شرح التلقين (صفحة 2883)

جاء زيد زيد، وتقول: الطريق الطريق، احذرْ احذر، إلى غير ذلك مما اشتهر في لسانهم. فهذا معتمد الشافعية في هذه المسألة. وقد صار بعضهم وهو أبو إسحاق إلى اتباع مذهبهم في هذا، وهو إلزام المقر درهمًا واحدًا إذا كانت المقر عامّيًا لا يعرف مقتضى الإعراب، فإن كان غير عامي عَدَل عن مذهبهم وألزَم المقِرَّ ما قلناه أحد عشر درهمًا. ولم يذهب إلى هذا التفصيل سواه.

وأما إن كرر ذلك بحرف العطف فقال: له عندي كذا وكذا درهم. فإنه حكي عن الشافعي ما ظاهره أنه اختلف قوله، فقال مرة: يلزمه درهمان وقال مرة: يلزمه درهم واحد. فمن أصحابنا من سلم أنه اختلف قوله في ذلك، ومنهم من لم يسلم ذلك، وتأول عليه أنه إنما قال بإلزام درهمين إذا أعرب بالنصب، فقال: كذا وكذا درهمًا؛ لأنه لا يحسن التأكيد مع دخول حرف العطف، وإنما يقع التأكيد مع عدم حرف العطف فإذا قال: كذا كذا، بغير واو، حسن أن تكون "كذا" الثانية مؤكدة لـ"كذا" الأولى كما بيناه. فإذا دخل حرف العطف فقال: كذا وكذا، ارتفع حكم التأكيد، وحمل قوله "كذا" على درهم، وقوله بعد ذلك: وكذا، على درهم آخر. فأما إن رفَع الدرهم، فإنما يلزمه درهم واحد، لأنه كالقائل: له عندي كذا وكذا، وهو درهم، فأخبر عن نفسه أن مراده ب "كذا وكذا" درهمٌ واحد؛ لأنه يجوز أن يكون أراد بقوله أولًا "كذا" نصفَ درهم، وقوله بعد ذلك بـ"كذا" نصف درهم فأخبر عن الجميع فقال: وهو درهم، وإذا احتمل ذلك لم يقض عليه بأكثر منه. ومنهم من صرف اختلاف قول الشافعي إلى اختلاف حالين، لا اختلاف إعرابين، فقال: إذا لم يكن للمقر نية صرف ذلك إلى درهمين لأنه مقتضى ظاهر الإعراب، على حسب ما بيناه، فإن زعم أنه أراد درهمًا واحدًا صدّق في ذلك لأنه لم يخالف نصًا، وإنما خالف ظاهرًا محتملا. ومذهبنا نحن ومذهب أبي حنيفة إلزامه في قوله: كذا وكذا درهمًا، أحد وعشرون (?) درهمًا، لأن ذلك أول عدد مركب يعطف فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015