أشهب رأى أن العطيتين إذا كان بينهما هذا المقدار، فإن ذلك علم عنده على قصد الضرر بالأولى والثانية، فيردان جميعًا وإن حملهما الثلث بناءً على أحد القولين في ردّ عطيتها إذا قصدت بها الضرر. وسنبسط هذا إن شاء الله في غير هذا الموضع.
والجواب عن السؤال الخامس عشر أن يقال:
أمّا الحجر على المفلس وهو الذي يثبت عند القاضي عليه ديون يقصر عنها (?) في يديه من المال، وطلب أصحاب الديون القاضي في التحجير عليه، فإن ذلك مما اختلف الناس فيه: فذهب مالك والشافعي رحمهما الله إلى أن القاضي يحجر عليه ويمنعه من التصرف في ماله لحق الغرماء في ذلك، مخافة إن مكن منه أن يتلفه عليهم.
وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يحجر عليه ولا يمنع من التصرف في ماله.
وحجتنا عليه أن النبي عليه السلام حجر على معاذ بن جبل (?) هكذا رواه المحتجون بهذا الحديث. ورواه آخرون خلع: خلع معاذ بن جبل من ماله.
وأيضًا بحديث أسيْفع جُهَيْنة في قول عمر بن الخطاب فيه مخاطبًا للناس في خطبة خطبها: إن الأسيفع، أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن يقال: سبق الحاجَّ، وإنه اِدَّانَ مُعرِضًا، فأصبح وقد رِين به فمن كان له عليه شيء فليأتنا فإنا قاسموا ماله بالغداة إن شاء الله (?). وهذا يشير إلى التحجير عليه وقضاء ديونه لغرمائه.