وأبو حنيفة يُجيبُ عن هذا الحديث بأنه يحتمل أن يكون الأسيفع ميتًا،
فيجوز للإمام أن يقسم ماله ويصرفه لمن يستحقه.
وأجيب عن هذا بأن ظاهر هذا الخبر أنه كان حيًّا، إذ لو كان ميتًا لنقل ذلك مع قوله: "وقد رين به" يعني بقوله "رين به": حيط به، من قوله: {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} (?) يعني: غطى وأحاط. وقيل: معنى "رين به": انقطع به.
ويجيبون هم عن هذا بأنه لم ينقل في الخبر أنه أحضِر وطلب بالقضاء وعذر إليه. وهذا أيضًا مما يؤكد عندهم حمله على أنه ميت، وإن احتمل أن يكون قال ذلك عمر رضي الله عنه وقد فرغ من الواجب في ذلك كله. وإذا تقرر الخلاف الذي ذكرناه في الحجر عليه، فإن القاضي يعرض عليه القضاء، فإن قَبِل ذلك مكنه منه، محتفظًا على المال لئلا يتلف، وإن امتنع منه باع عليه عقاره وغير ذلك من ماله.
وذهب أبو حنيفة إلى أن القاضي لا يبيع عليه شيئًا من ماله إلاّ أن يكون عليه ذهب وله فضة، أو عليه فضة وله ذهب، فإنه يصرف ذلك، أو تكون زوجة طلبت زوجها للإنفاق، فيبيع ذلك للإنفاق عليها. وهذا بناء على أصله: أنه لا يحجر عليه أن يبيع ماله بغير إخساره تحجير عليه، لكنه يرى أن القاضي يحبسه حتى يبيع بنفسه عقاره ويقضي ثمنها (?) غرماءه.
ونحن نبسط الكلام عليه في كتاب التفليس إن شاء الله تعالى.
وإذا تقرر الحجر وأحكامه، فلننظر الآن في من له الحجر:
فأمّا اليتيم السفيه الذي لا وصي له ولا مُقَامٌ، فالنظر فيه إلى القاضي: يتولى ذلك بنفسه أويقيم له من ينظر فيه.