مطلقا لكن القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب ذكرَ في تلقينه هذا أن ذلك ليس من حقها، وكأنه رأى أن الأصل تمكين الزوج من منعها من عطية مالها. وإنما ورد الإذن فيما ليس له بال. فإذا فعلت ما أذن لها فيه فليس لها أن تعود إلى مثله، لأنا لو مكناها من هذا صار ذلك كالموافقة لأبي حنيفة والشافعي في إباحة إعطائها جميع مالها إذ لا فرق بين أن تعطيه كرّة واحدة أو على كرات وقد نبه - صلى الله عليه وسلم - على أن المرأة تنكح لمالها. وأشار إلى أن للزوج غرضًا في كونها موسرة ليتجمل بمالها ويستغني بكثرته عن استقصاء طلب حقوقها منها، وقد يرثها أو تنفق بنية (?) منها. فإذا أبحنا لها تكرير العطية حتى يفنى مالها بطل غرض الزوج في ذلك.
وذهب أصبغ إلى تفصيل في هذا، فرأى أنه يباح لها تكرير العطية إذا كان بين العطية الأولى والثانية بُعدٌ وتفاوت كالستة أشهر ونحوها، فإنها تمكن من عطية ثلث ما بقي من مالها. وأيضًا فإن كان بين العطاءين اليوم واليومان قدر كالعطية الواحدة في الكلمة الواحدة فيعتبر فيها الثلث. ويختلف إن زادت عليه: هل ترد العطيتان أو يمضي منها مقدار الثلث؟ فإن كان بين العطيتين مقدار الشهر والشهرين ردت العطية الثانية، ولو حملها الثلث بعد إضافتهما إلى العطية الأولى. وهذا القسم أنكره بعض الأشياخ وأشار إلى أنه لا وجه له، لأنه إذا كان بين العطيتين الشهر والشهران وكانتا جميعًا يحملهما الثلث، والثلث مباح لها أن تعطيه، فلا فرق بين أن تعطيه في كلمة واحدة أو في كلمات مفترقات بينهما زمن بعيد أو قريب.
وقد اختلف المذهب على قولين مشهورين في صدقتها بثلث مالها إذا تصدقت بذلك للضرر هل تمضي أو ترد؟ كما اختلف في المريض إذا أوصى بثلثه قاصدًا للضرر: فقيل: يرد ذلك فيه لقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} (?).فشرط في إمضاء الوصية ألاَّ يقصد بها الضرر. فكأن