وقد علم عند أهل الأصول أن الحكم الواحد إذا ورد فيه مطلق ومقيد رد المطلق إلى المقيد.
وأمّا أبو حنيفة والشافعي فإنهما يتعلقان بقوله عليه السلام لما خطب يوم العيد ووعظ "وإذا" (?) النساء، فقال: "تصدقن من حُليَكُنَّ" (?). فقوله "تصدقن" أمر عام لم يحدّ فيه مقدار ما يتصدقن به، ولو كان ذلك ممنوعًا على الإطلاق كما ذهب إليه بعض الناس لم يقل "تصدقن". ولو كان أيضًا يجوز ذلك في بعض المال دون بعض كما قال مالك لم يطلق الأمر بالصدقة، بل كان يقيدها بأن يقول: تصدقن بمقدار ثلث مالكن.
والظاهر أنه إذ خاطب النساء عمومًاْ من غير أن يلتفت إلى من لها زوج أو لا زوج لها، ولا إلى من كان زوجها حاضرًا لهذا بذلك وميت لم يكن حاضرًا.
وكان أبو حنيفة والشافعي تعلقا بهذا الحديث. وتعلق مالك بالحديث الذي رواه ابن حبيب. وتعلق المخالف الثالث بحديث عمرو بن شعيب.
وأمّا طرق القياس، فقد نبهناك عليها. واختلف المذهب على قولين: إذا تصدقت بأكثر من الثلث هل يرد جميع ما تصدقت به، لكونها تعدّت في هذه الصدقة، وهي فعلة واحدة، فلما ثبت فيها العداء ردّ جميعها، أو يختص الردّ بما زاد على الثلث لأن التعدي مختص به، فيجب في هذا العقد أن يمضي فيه ما يجوز، ويرد ما لا يجوز.
وإذا أبحنا لها الصدقة بثلث مالها فأرادت بعد ذلك بقرب زمن أو بُعده تتصدق (?) بشيء آخر من مالها؛ فالمعروف. من المذهب أن ذلك لا يمنع منعًا