ويمنع فيما زاد على ذلك.
وسبب الخلاف في هذا من جهة الاعتبار الالتفات إلى شواهد أصول: فقد تقرر في الشرع أن الحجر إذا كان حقًا للمحجور عليه انطلق على منعه مما قلَّ من ماله أوْ جلَّ. وإذا كان الحجر حقًا لغير المحجور عليه، فاختلف أحكام الشرع فيه:
فللسيد أن يحجر عليه فيما قل أو جل من ماله، لما كان الحجر ليس حقًا للعبد، وهو حق لسيده.
والمريض لما كان الحجر عليه حقًا لورثته حجر عليه فيما زاد على ثلث ماله.
فأصحاب كل مذهب اتفقوا (?) إلى ما يوافق مذهبهم من هذه الأصول: فأبو حنيفة والشافعي رأيا أن أصول الشرع لا يمنع الرشيد من التصرف في ماله كيف شاء.
وأمّا الالتفات في هذا إلى الآثار، فقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي عليه السلام قال: "لا يحل لامرأة ملك زوجها عصمتها أن تعطي من مالها شيئًا بغير إذنه". وهذا الحديث مرسل، والعمل بالمراسيل فيه خلاف بين أهل الأصول.
وروى ابن حبيب عن النبي عليه السلام معنى هذا الحديث عن النبي عليه السلام مقيّدًا، فقال: "لا يجوز لامرأة أن تعطي من مالها شيئًا له بال بغير إذن زوجها" أو كما قال. وهذا التقييد يوجب رد حديث عمرو بن شعيب إليه، فقال ابن حبيب: رأى العلماء مقدار مالَه بال الثلث استدلالًا منهم بما ورد الشرع به في إطلاق الثلث للمريض وإن تعلق لورثته حق بماله.