شرح التلقين (صفحة 2571)

وقد وقع في إشارات الأشياخ اضطراب في اختبار اليتيم بشيء من ماله: هل ذلك سائغ للوصي مباح له أن يفعله إذا أدّاه اجتهاده وإن لم يحكم بذلك حاكم، أم لا؟ فأشار بعضهم إلى إجراء ذلك على الخلاف الذي وقع في المدونة في اليتيم إذا دفع إليه وصيه شيئًا من ماله يختبره به فاستدان دينًا: هل تتعلق المداينة بما في يديه، ويقضى بدفعه لغرمائة أو لا يقضى لهم بذلك؟ فيستلوح من مذهب القائل بالمداينة لا تتعلق بما في يديه كون الدفع إليه تعدّيًا وسوء نظر. والوصي لا يلزم اليتيمَ فعلُه إذا أساء النظر له ديه.

ويستلوح من طريقة من مذهبه إلى أنه يقضى غرماؤه ديونهم من المال الذي في يديه أن ذلك سائغ للوصي. وهذا التخريج ربما كان ليس بالإلزام على مقتضى هذين المذهبين. وقد يكون الدفع مباحًا ولكن الغرماء لم يعاملوا على ما في يديه، فلهذا لم يقض لهم به.

والجواب عن السؤال السابع أن يقال:

اضطرب المذهب في السفيه المهمَل، كصغير مات أبوه ولم يوص به أحدًا، ولا اطلع عليه القاضي حتى يحجر عليه، وتمادى على الاستقلال بنفسه في التصرف في ماله إلى أن كبر، ولكنه على حالة السفهاء من يوم موت أبيه إلى أن رجع أمره إلى القاضي.

وأمّا الصغير الذي لم يبلغ والمجنون، فإن تصرفهما وعقودهما لا تلزمهما ما دام الصغير لم يبلغ، وما دام المجنون لم يعقل.

وأمّا تصرف السفيه الكبير بعد بلوغه ولم يتقدم عليه حجر، كما قلناه، فمذهب اين القاسم أن أفعاله لا تلزمه، وبه قال أبو يوسف، وهي مردودة، فلا يمضي بيعه ولا شراؤه. ومذهب غيره من أصحاب مالك -وهم الأكثر- أن أفعاله في المعاوضة تلزمه، وبه قال الشافعي ومحمد بن الحسن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015