شرح التلقين (صفحة 2572)

وقد روى زياد بن شبطون القرطبي عن مالك أنه سأله عن سفيه عندهم (......) (?) البان على ناصية فرسه ويشتري الكلب والبازي بالضيعة الخطيرة؟

فقال: تمضى أفعاله. ثم سألته بعد زمان فقال: تمضي أفعاله ولو كان مثل سفيهكم.

ومنهم من فرّق بين كونه بلغ سفيهًا وتمادى على ذلك: فقال بما قال ابن القاسم: من رد أفعاله. وبين أن يكون خرج من السفه بعد بلوغه ورشد ثم أحدث سفهًا بعد ذلك، فإنه تمضى أفعاله في المعاوضات، وتردّ في الهبات الظاهرة والمغابنة الفاحشة. ومنهم من رأى أن السفه الظاهر البيّن يوجب ردّ أفعاله بخلاف السفه الخفي.

وأشياخي المحققون يختارون الردّ لأفعاله، ويرون أن السفه علة في الردّ، وليس الحكم بالحجر علة الردّ، لكون الحجر تنْحيَةً عن السفه، والسفه أشده وأوجبه وليس الحكم بالحجر هو الذي أثبت الحجر وأوجبه، بل السفه علة، والحكم كالمعلول فلا ينقلب الأمر، فيصير المعلول علة والعلة معلولًا. وكأن من ذهب إلى خلاف هذا رأى أن ثبوت السفه يحتاج إلى اجتهاد وكشف وبحث، وهو أيضًا مِمّا اختلف المذهب في حقيقته على حسب ما قدمناه فيما سلف. وما كان مختلفًا فيه ويفتقر ثبوته إلى اجتهاد لم يقض به. ويثبتْ حصوله إلا بحكم حاكم، لا سيما أن في رد أفعاله إضرارًا بمعامليه، لأنهم يرون رجلًا يتصرف في ماله ولا ينكر ذلك عليه أحد، فيعاملونه. فلو رددنا أفعاله أضررنا بمعامليه وهم لم يقصروا في الاجتهاد ولم يفرطوا. بخلاف معاملتهم لصغير لم يبلغ أو مجنون، فإن معاملتهم له ترد لكونهم هم المتلفين لمالهم والمفرطين في معاملته، من (?) السبب الموجب لرد أفعاله ظاهر بيّن، لا يحتاج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015