شرح التلقين (صفحة 2507)

وأيضًا فإنهم يتصرفون فيها بشربها وبيعها من بعضهم بعضًا، ولا ينكر ذلك عليهم أحد، فلولا أنها مما يتموّلونها ما أُقِرّوا على ذلك.

وأيضًا من جهة الاستدلال: إنه إنما يعتبر اعتقاد الإباحة، وجواز التملك، في حق المتلف عليه لا في حقال في أتلف، ألا ترى أن نَصْرانيًا لو أتلف على مسلم مصحفًا، لضمنه له، وإن كان الذمي لا يعتقد أن للمصحف قيمة. وإذا أتلف المسلم على ذمي خمرًا، فاعتقاد المسلم أن ذلك محرم ولا قيمة عليه لا يُعتبَر، وإنما يعتبر اعتقاد الذمى أن الذي أتلف عليه مما يُتملك وله قيمة.

فإن قيل: ينتقض هذا عليكم بعبد كافر في يد رجل كافر، فأسلم العبد فلم يبعه على الكافر حتى ارتد، فقتله مسلم بعد ارتداده ورجوعه إلى ملة سيده، فإنه لا يضمنه، ولم يُعتبر ها هنا اعتقاد المتلَف عليه؛ لأن سيده عنده أنه قد أصاب وأحسن في رجوعه إلى دينه.

وانفصل عن هذا بأن العبد لما ارتد هتك حرمة نفسه، وحرمة سيده، وأباح مهجة نفسه لأجل ما فعل، فلهذا لم يضمنه قاتله، والخمر إذا كانت في (?) نصراني فهي مما يتصور (أن تبيح نفسها ومالكها أيضًا لم يبحها) (?)، فلهذا أوجب ضمانها، بخلاف العبد إذا أسلم ثم رجع إلى الكفر.

ويستدل الشافعي أيضًا بأن النبي عليه السلام: "إن الله حرم الكلب وحرم ثمنه وحرم الخنزير والخمر" (?) كما أن الثمن بدل منه.

وهذا يجاوب عنه بأن الثمن عبارة عما سلّمه مالكه طوعًا منه على أن يسلم إليه عوضًا منه، وأما الاستهلاك فهو بغير اختيار المالك، وإذا كان بغير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015