اختياره لم يتعلق به تحريم، بخلاف الثمن الذي فعله باختياره وقد تعلق به التحريم. ألا ترى أن أم الولد لا يحل بيعها وأخذ ثمنها، ومن قتلها غرم قيمتها لسيدها فقد صار الثمن ها هنا محرمًا، والقيمة غيرَ محرمة. وكذلك لو أحرم رجل (?) في بيته صيدًا ما جاز له أن يبيعه ويأخذ ثمنه مِمّن يذبحه، أو (?) ذبحه ذابح بغير اختياره لغرم له قيمته.
ومما يلحق بهذا أن من غصب حرًا فباعه فإنه إذا غاب به مشتريه، وطُلِب فاُيس من وجوده، فإنّ غاصبه يضمن ديته لأهله هكذا قال في كتاب ابن حبيب .. وقد تقدم ذكرنا الخلاف فيمن غصب أم الولد، وأن ابن القاسم يرى أنه يضمن قيمتها على أنها أمة إذا فاتت في يده. وسحنون لا يضمّنه قيمةً، قال: كالحرة إذا غصبت. ومراده أنه غصب منافعَها لا رقبتَها، وغصْب منافعها لا تُضمن به رقبتُها.
ومما يلحق بهذا غصب جلْد ميتة، فإن ابن القاسم يوجب على مستهلكه قيمته، دُبغ أو لم يدبغ. وحكىَ أبو الفرج عن مالك أنه إذا لم يدبغ فإنه لا يضمن مستهلكه فيه شيئًا، وهكذا في المبسوط. وأما إن دبغ فإنا إن قلنا بجواز بيعه، وأن الدباغ يطهره الطهارة الكاملة، فإنه يقوّم على أنه يجوز بيعه. وإن قلنا: بيعه لا يجوز، وإنما تفيد الطهارة جوَازَ الانتفاع به، فإنه يقوم على أنه لا يجوز بيعه.
وذكر في المبسوط أنه إذا دبغ فإن مستهلكه إنما يغرم قيمة ما فيه من الدباغ.
وكأنه رأى أن عيْن الجلد نجِسة، والنَجس لا يباع، والدباغ كالساتر لنجاسته، وهو حلال، فهو الذي يقوّم.
وهكذا الرَّجِيع، الذي تزول (?) به الأرض، إذا أتلفه متلف، جرى على حكم جلد الميتة إذا لم يدبغ.