شرح التلقين (صفحة 2506)

أصحاب الشافعي بظواهر، ويحاجهم أصحاب الشافعي بظواهر أيضًا، واستدلالات منا ومنهم. فيُخَصّ أصحاب الشافعي المسألة بعينها يكون الآية التي نزلت في تحريم الخمر إنما هي مقصورة على المسلمين لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} (?) الآية وما بعدها. فعلّق التحريم بالمؤمنين، وأيضًا قال: {فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (1) وإنما يُرجى الفلاح باجتنابه من المسلم لا من الكافر، لأنه ما دام باقيًا على كفره دهو غير مفلح، وإن لم يشرب الخمر.

وأيضًا فإنه تعالى قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} (?) إنما يكره وقوعها بين المسلمين، وأما ما بين الكافرين فإنما يجب (?) وقوعها بينهم ليشتغلوا بما بينهم من الفتن عن المسلمين، وقد قال تعالى في آية آخرى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} (?) فجعل هذا أحد عقوباته. وأيضًا قال تعالى: {وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ} (?) والكافر لا يصلي لأجل كفره، ان لم يشرب الخمر، والمسلم يصلي ولكن يصده السّكر عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة.

واحتج أصحابنا بأن عامل عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إليه: أن الذمي يمر بنا ومعه التجارات والخمر. فأجابه عمر رضي الله عنه: "ولُّوهم بيعها، وخذوا العُشُر من أثمانها" فسمى فعلهم بيعًا، فلولا أنهم يتملّكونها لم يوقِع عليها اسمَ البيع.

وأيضًا فإنه قال "ولّوهم بيعها وخذوا العشر من أثمانها" فسمى ذلك ثَمنًا، والثمن لا يكون إلا فيما يُتملك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015