ومما يلحق بما نحن فيه إتلاف الغاصب ما لا يحل بيعه. فقد بينا حكم غصب مسلم من مسلم خمرا.
ونتكلم الآن على غصب المسلم ذمّيا خمرًا فأتلفها عليه. فالمذهب عندنا على قولين عن مالك وغيره من أصحابه: أن المسلم يضمن للذمي ما تلف عليه. وبهذا قال أبو حنيفة. وقال إن (?) الشافعي: لا يضمن له ما أتلف عليه مما لا يحل تموله في شرعنا. وبهذا أخذ عبد الملك بن الماجشون من أصحاب مالك.
والذي يولغ (?) به في المذاكرات في هذه المسألة: أن الاختلاف مبني على اختلاف الأصوليين في الكفار هل هم مخاطبون بفروع الشريعة أو غير مخاطبين، مع إجماعهم على أنهم مخاطبون بالإيمان بالله ورسوله؟
فمن يرى أنهم غير مخاطبين، والتحريم في فروع شريعتنا، اقتضى ذلك ما قاله مالك وأبو حنيفة من أن من أتلف من المسلمين على ذمي خمرًا أوخنزيرًا فإنه يغرم له قيمته، كما لو أتلف عليه ثوبًا من ثيابه، أو عبدًا من عبيده.
ومن يرى أنهم مخاطبون بفروع الشريعة اقتضى ذلك ما قاله الشافعي وعبد الملك من أن المسلم إذا أتلف على ذمّي خمرا أو خنزيرًا فإنه لا يضمن ذلك له، لأنه إنما أتلف عليهم محرمًا عليهم، فلا يضمنه، كما لو تلف (?) على مسلم خمرا.
هذه طريقة أشياخنا. وأما البغداديون، من أصحابنا، فإنهم يحابون (?)