ابن القاسم لما قال: إن مالكًا قال إن احتوى عليها فخللها فإنه يتملكها.
وقال الشيخ أبو محمَّد بن أبي زيد، رحمه الله،: إنما كانت، إذا تخللت، لمن غصبت منه، لأن الغاصب لم تكن له فيها صنعة توجب أن يملكها بها.
وهكذا يقول الشافعي إنها ترد إلى الأوّل. وقد ذكرنا نحن مذهبه في أن التغيير في يد الغاصب لا يرفع حق صاحب الشيء من أن يأخذ عين ملكه .. وذكرنا عن أبي حنيفة أنه متى تغير الشيء في يد الغاصب تغيّرا تغير به اسمه والمنفعة المقصودة منه، وضمنه بالقيمة، فإنه يتملك بذلك، ويسقط حق صاحبه في طلب عين هذا الذي غصب فتغيّر. لكنه ها هنا وافقنا في هذه المسألة، ووافق الشافعي فقال: إن الخمر تبقى للغاصب. بناء منه على ما أشرنا إليه من أنها لما كانت (?) تحل، ولا تتملك، ولا يجب على الغاصب لها من مسلم بذلها، بقيت (?) إذا تخللت.
بخلاف لو غصب عصيرًا فخلّله، فإنه يكون النحل له، ويجب عليه بذلُ (?) العصير؛ لأن العصير مما تجب غرامته على الغاصب، وقد تغير في يديه، فبقي المتغير له، ووجب عليه بذل (3) الأصل، وهو العصير.
وعندنا نحن: أن صاحب العصير غير بين أن يعطي بدله (?)، ويَبقى النحل للغاصب، ويأخذه (?) من يد الغاصب، على إحدى الطرق التي قدمناها فيمن غصب قمحًا فطحنه، أو شيئًا يُقضَى فيه بالمثل، فخيرّه، أو ما يقتضى فيه بالقيمة فغيّره.