وهذا الاختلاف عندي يرجع إلى اختلاف المتقدمين من أصحاب مالك في مشتر اشترى قمحًا فطحنه فأخذه المستحق من يده، فقيل: ليس على المستحق أجرة الطحن، لأنه ليس بعين. وقيل: بل عليه أجرة الطحن. وسنبسط هذا في كتاب الاستحقاق إن شاء الله تعالى.
والجواب عن السؤال الثالث عشر (?) أن يقال:
إذا غصب مسلم من مسلم خمرًا فأراقها، فلا ضمان عليه، لأنه فَعَل الواجب من الإراقة التي كان مخاطبًا بها مَن هي في يديه.
ولو أمسكها حتى تخللت لوجب عليه أن يردها لمن غصبها منه، لأنها، وإن كانت حين الغصب حرامًا، ليست بمال للمسلم الذي غصبت منه، فقد عادت خلاًّ إنما (?) يتمولها المسلم الذي غصبت منه، فوجب أن يرد إليه.
ومن متأخري حذاق الأشياخ من خرج فيها خلافًا فقال: من أوجب من أصحابنا إراقتها وإخراجها من يد المسلم، ومنعه من إمساكها ليخللها، أشعر ذلك بأنه غير (جائزاها) (?) ولا يد له عليها، فإذا غصبها منه مسلم عنده بقيت ملكًا للمسلم الغاصب الذي تخللت عنده، لأنها، وإن لم يصح وضع اليد عليها وإمساكها للتخليل لا للأول ولا للثاني، فإنّها، يوم صارت خلًا، يصح حوزها وبقاء اليد عليها، فصار الغاصب التي هي تحت يديه يوم تخلّلت كمن وضع يده على طائر لا يحوزه أحد.
فأما من لم يوجب إراقتها على من حبسها للتخليل فإنه يقدّر أن من هي في يديه حائز لها، فإذا تخللت في يد الغاصب رُدت إلى الحائز الأول.
وهذا الذي قاله هذا الشيخ أبو الطيب عبد المنعم ينظر إلى ما اعتل به