في ذلك غرضًا بأن قال: قد يسقط إنسان أو بهيمة فيُطلب الغاصب بضمانه .. ونوقضوا هؤلاء في هذا بان قالوا: لو غصب نُقْرة فضة، فصنعها دراهم فأراد رب الدراهم أخذها، فمنعه الغاصب من ذلك، وقال: لا تأخذها حتى أسيّلها، وأردّها نقرة كما كانت. فإنه لا يمكّن من ذلك لأنه إضرار بمالك الشيء من غير عوض الغاصب (?) في ذلك.
وأجابوهم عن ذلك بأن حفر البئر قد بينا أنه قد يتصور للغاصب غرض ومنفعة في ردمه، ورد الدراهم نقرة لا يُتصور فيها غرض أصلًا.
على أنه قد يجابوا عن غرض الغاصب بأن يقال: إذا رضي صاحب الأرض ببقائها محفورة، والتزم ضمانَ ما سقط فيها، فقد يرتفع ما صورتموه من غرض الغاصب في ردمها.
وهذا أيضًا فيه اضطراب من أصحاب هذه الطريقة في رفْع عوض (?) الغاصب بانتقال الضمان عنه إلى صاحب الأرض.
والكلام فيه يتسع في اشتراك رجلين في فعل أتلف حيوانًا، أحد الفعلين مباشر للتلف، والآخر سبب في التلف. (وقد يقال الغاصب قد نطلب ولا ينفعني ضمانك لقيتك أو يقرك) (2).
ولو كان الذي حفر البئر والمطمر حفر ذلك بوجه شبهة في أرض اشتراها، فإنه إذا استحقت من يديه طلب المستحقّ بقيمة ما أحدث فيها. ولكن الشيخ أبو محمَّد بن أبي زيد، رحمه الله، حمل هذه الرواية على أن المشتري طَوَى التي حفر بحجارة فهي التي تقوَّم. وخالفه بعض المتأخرين، ورأى أن المشتري له المطالبة بقيمة ما فعل في ذلك من منفعة وعمارة بخلاف الغاصب.