لقرب ما بين الدقيق والقمح من المنفعة، وكأنه هو الطريق إلى تصيير القمح قوتًا، وهذا بخلاف السويق.
وما ذكرناه عن أبي حنيفة من أنه يراعي تبدل الأسماء، قد قاله أصحابنا.
وذلك أن أشهب فرق بين من غصب ثوبًا فصبغه، أو قطعه وخاطه، فقال: يرد ذلك على صاحبه إن شاء، بخلاف أن يصير القمح سويقًا لأن الثوب، وإن صبغ وقطع، فالاسم عليه قائم ويسمى ثوبًا، أبيض كان أو مصبوغًا، بخلاف السويق فإنه لا يسمى قمحًا. وهذا (?) قال سحنون أيضًا: كلما غُير حتى انتقل اسمه فإن ذلك فوت. فأنت ترى هذين من أئمة أصحابنا اعتبرا تغير الاسم كلما (?) اعتبره أبو حنيفة.
وقد وقع لهم أيضًا في التفرقة بين من غصب خشبة فصنَعَها بابًا، وبين من غصب خشبة فبنى عليها، تعليل آخر. وذلك أنه قال: إنما حكمنا بأن يبقى التاتوب (?) للغاصب ويغرم قيمة الخشبة؛ لأنه صنع شيئًا لا يقدر على ردّه إلى هيئته. وقد وقع لابن الماجشون في كتاب ابن حبيب أن من غصب ثوبًا فصبغه أو فضة فصاغها، أو قمحًا فطحنه، فإن يرد إلى صاحبه، ولا حجة للغاصب بأن يقول: يُتْلف علىّ صنعتي؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس لعرق ظالم ... " (?) وقد وقع أيضًا لعبد الملك بن الماجشون في المبسوط أن الغاصب إذا صنع فيما غصب شيئًا يسيرًا، فإن صاحب الشيء يأخذه، ولا يغرم قيمة الصنعة. وإن صنع فيه شيئًا كثيرأوافى ثمنَه، فإنه لا يأخذه حتى يدفع قيمة الصنعة، أو يضمن الغاصب ما غصبه، أو يكونا شريكين. وفي الشركة قولان: أثبتها ها هنا عبد الملك، ونفاها ابن القاسم.