وكذلك اختلف فيما فعله الغاصب إذا كان له طلب عوضه، هل يعطَى قيمة صنعته، أو يعطى ما زادته صنعته في الثوب المصبوغ، وما في معنى ذلك مما يفعله في الشيء المغصوب، وكأن ما يقعله الغاصب في الشيء المغصوب، إن كان مما يُتملك وأضافه إلى الشيء المغصوب، كحجر له يبنيه في أرض غصبها، فإن حقه لا يسقط من عين الحجر إلا بعوض إذا كان أُسلِم (?) إليه انتفع به. وإن كان أضاف إلى الشيء المغصوب ما يتملك، وهو عين مرئية مشاهدة، ولكنها لا تتميز من الشيء المغصوب، ولا يمكن تفرقتها منه كالصباغ، فإن ابن القاسم (?) أن صاحب الثوب لا يمكّن من أخذه إلا بعد أن يعطي عوض الصباغ، قياسًا على الحجر التي هي عين قائمة ولكنها تتميز. ورأى أشهب وعبد الملك أن صاحب الثوب يمكّن منه من غير أن يدفع عوض الصبغ، قياسًا على ما يحدثه الغاصب مما ليس بعين قائمة، ولا مما يتميّز بالتفرقة بينه وبين الشيء المغصوب، كالنقش والتزويق فصار الصباغ كفرع بين هذين الأصلين.
والجواب عن السؤال الحادي عشر (?) أن يقال:
إذا غصب الرجل غرسًا فغرسه في أرضه، وفعل ذلك غصبًا أو تعديًا، أو فعل ذلك على وجه شبهة إما بإدلال على صاحب الغرس، ومثله يشبه أن يدلّ عليه، أو يشري ممن يُظن بأنه باعه من ذلك ما يملك، فإن المذهب متفق على أن هذا الغرس يردّ لصاحبه، وإن ثبت في أرض الذي نقله إن كان بحدْثانِ أخذِه. ولا يفترق في هذا الحكم الغاصبُ والمدلُّ والمشتري. وإن طلبَ صاحبه أخذه بعد زمان، وزيادة نماء، افترق حكم الغاصب من حكم المدلّ والمشتري، فيمكّن صاحب الغرس من قلعه في أرض الغاصب الذي غصبه له، ولا يمكن من قلعه من أرض المدل والمشتري، لكن يُلزمان بان يدفعا لصاحب الغرس