شرح التلقين (صفحة 2468)

في مثله لم يضمن القيمة. وذكر لي شيخنا رحمه الله عن بعض أشياخه أنه كان يفرّق بين التعدي بالزيادة في مقدار العمل، والزيادة في المسافة أو الزمن: مجاوزة الزمن المشترط في الكراء تعدٍّ محض لا شبهة فيه ولا إذن يخالطه، فلهذا استوى قليله وكثيره، والزيادة في العمل لم يتمخض فيها التعدي، بل امتزج مع الاذن بالدابة. فالدابة المحمول عليها أحد عشر قفيرًا مأذون في تَسْييرها بشرط أن يكون عليها عشرة قفيزًا (?)، فوجب لأجل امتزاج التعدي بالإذن بين أن تكون الزيادة مُهلِكة أو غير مهلِكة.

وهذا وإن كان قد يستحسن تصوره فإن شيخنا الذي حكاه لنا كان لا يراه فرقًا واضحًا، ويرى أن السير بزيادة العمل تعدٍّ محضُ، لم يؤذن فيه إلا بشرط، وإذا فقد الشرط صار السير تعديًا محضًا، فأشبه تعديَ المسافة، وتعدي الزمن.

ولو كان العطب وقع بعد أن رُدَّت الدابة إلى المكان الذي دخل في عقد الكراء، فإنه إن كان التعدي في المسافة كثيرًا، تلزم فيه القيمة، فلا تسقط القيمة ردها (?) إلى موضع الاذن، لتقرر القيمة في الذمة قبل وجود الرد إلى الموضع المأذون فيه. وإن كان تعدي المسافة يسيرًا بحيث لا تلزم فيه القيمة، ففيه

اختلاف في المذهب.

وإلزامنا القيمة فيما ذكرناه من هذه الأقسام إنما ذلك إذا اختار رب الدابة التضمين للرقبة. وأما إن اختار طلب قيمة المنفعة التي وقع الغصب عليها، فإن له ذلك: يأخذ الكراءَ الأول الذي سمياه، ويكون له فيما زاد عليه مما وقع التعدي فيه في المسافة كراءُ المثل عند ابن القاسم، وعند غيره إنما يكون له طلب كراء المثل إذا كان رب الدابة غائبًا أيام حبَسها المكتري، فيكون له الأكثر من قيمة كراء أيام الحبس، إن كانت مستخدَمة فيها، وبنسبة ما وقع به عقد الكراء الذي لا تعدي فيه، لأجل أنه قد يقع في الكراء الأول مغابنة رضي بها فلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015