تلزمه المغابنة فيما لم يرض به، وهو إمساكها أيامًا لم يؤذن له أن يمسكها فيها.
وأما إذا كانا حاضرين جميعًا فذلك رضىً منهما بالتزام الكراء على نسبة ما كان. وسبنسط الكلام على هذا في كتاب الأكرية إن شاء الله تعالى، ونذكر مذهب أبي حنيفة الذي لا يوجب في أصل المنافع أجرة.
والجواب عن السؤال التاسع (?) أن يقال:
إذا غصب إنسان حجرًا أو خشبة فبنى على ما غصب من ذلك بناءً، فهل ذلك كفوت العين، تلزم فيه الغاصبَ القيمةُ، أوليس كفوت العين، لمالك الحجر أو الخشبة انتزاعها من بناء الغاصب؟ هذا مما اختلف الناس فيه: فالمشهور من مذهبنا أن لمالك الحجر أو الخشبة انتزاعها من بناء الغاصب، وإن أدى نزعها إلى فساد بناء الغاصب وانهدامه. هكذا روي عن مالك رضي الله عنه. وقال ابن القاسم في الموازية: يهدم بناء الغاصب ولو كان بناؤه قصورًا.
واختلف النقل عن أشهب: ففي النوادر أن مالكًا، رضي الله عنه، مكن صاحب الحجر أو الخشبة من هدم بناء الغاصب، وقاله أشهب. وقال: إن هذا بخلاف من غصب خشبة فصنعها بابًا، فإن هذا لا يُمْكِنُ أن يعاد لهيئته.
وحكي عنه في غير النوادر أنه يرى وجوب القيمة على الباني، ولا يهدم بناؤه. وقد نقل عنه هذا ابن حارث في كتابه، ولكن زاد في نقله أن ابن القاسم وأشهب اتفقا على أن البناء المعتمد على الحجر المغصوب يقلع. وإنما اختلفا فيما انتشر عن هذا البناء، وخرج عن اعتماده على الحجر المغصوب، هل يهدم أم لا؟ فقال: إن ابن القاسم قال قولًا مجملًا أنه يهدم .. وقال أشهب: إذا كان لا سبيل إلى انتزاع الحجر المغصوب إلا بهدم جميع البناء فإنه تجب فيه القيمة لصاحب الحجر.